للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موكلان به يحفظانه إلى أوان خروجه وقيامه (١) ، وقالوا: إنه المهدي المنتظر (٢) . وزعموا أنه سيغيب عنهم سبعين عامًا في جبل رضوى ثم يظهر فيقيم لهم الملك، ويقتل لهم الجبابرة من بني أمية (٣) . فلما مضت سبعون سنة ولم ينالوا من أمانيهم شيئًا حاول بعض شعرائهم توطين أصحابه على هذه العقيدة، وأن يرضوا بالانتظار ولو غاب مهديهم مدة عمر نوح عليه السلام (٤) .

ثم شاع التوقف على الإمام وانتظار عودته مهديًا بعد ذلك بين فرق الشيعة.. فبعد وفاة كل إمام من آل البيت تظهر فرقة من أتباعه تدعي فيه هذه الدعوى.. وتنتظر عودته، وتختلف فيما بينها اختلافًا شديدًا في تحديد الإمام الذي وقفت عليه وقدرت له العودة - في زعمهم - ولذلك قال السمعاني: "ثم إنهم في انتظارهم الإمام الذي انتظروه مختلفون اختلافًا يلوح عليه حمق بليغ" (٥) .


(١) وقد تغنى شعراؤهم بذلك حتى قال شاعرهم (كثير عزة) :
ألا إن الأئمة من قريش ... ولاة الحق أربعة سواء
علي والثلاثة من بنيه ... هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبط سبط إيمان وبرّ ... وسبط غيبته كربلاء
وسبط لا يذوق الموت حتى ... يقود الخيل يقدمها اللواء
تغيب لا يرى عنا زمان ... برضوا عنده عسل وماء
(انظر: مسائل الإمامة ص٢٦، مقالات الإسلاميين: ١/٩٢-٩٣، الفرق بين الفرق ص٤١) ، وقد أوردت كتب المقالات أيضًا أشعارًا في هذا المعنى لشعراء آخرين (انظر: مسائل الإمامة ص٢٦، ٢٧، ٢٨، ٢٩) ، وقد نظم البغدادي بعض الأبيان في الرد عليها الفرق بين الفرق: ص٤١-٤٣)
(٢) مسائل الإمامة: ص٢٦، فرق الشيعة: ص٢٧، مقالات الإسلاميين: ١/٩٢، الفرق بين الفرق: ص٣٩، التبصير في الدين: ص١٨-١٩
(٣) مسائل الإمامة: ص٢٧
(٤) يقول شاعرهم في ذلك:
لو غاب عنا عمر نوح أيقنت ... منا النفوس بأنه سيؤوب
إني لأرجوه وآمله كما ... قد كان يأمل يوسفًا يعقوب
(المصدر السابق: ص٢٩)
(٥) الأنساب: ١/٣٤٥

<<  <  ج: ص:  >  >>