للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمعلوماتهما مهمة في تصوير ما آل إليه أمر الشيعة بعد الحسن العسكري.

ومن بعدهما زادت الفرقة واتّسع الاختلاف، حيث يذكر المسعودي الشّيعي (المتوفّى سنة ٣٤٦هـ‍) ما بلغه اختلاف شيعة الحسن بعد وفاته، وأنّه وصل إلى عشرين فرقة (١) فما بالك بما بعده (٢) .

وقد ذهبت هذه الفرق مذاهب شتّى في أمر الإمامة، فمنهم من قال: "إنّ الحسن بن علي حيّ لم يمت، وإنّما غاب وهو القائم، ولا يجوز أن يموت ولا ولد له ظاهر، لأنّ الأرض لا تخلو من إمام" (٣) . فوقفت هذه الفِرقة على الحسن العسكري وقالت بمهديته وانتظاره كما هي العادة عند الشّيعة بعد وفاة كلّ إمام تدّعي إمامته، وذهبت فرقة أخرى إلى الإقرار بموته، ولكنّها زعمت أنّه حيّ بعد موته، ولكنّه غائب وسيظهر (٤) ، بينما فِرَق أخرى حاولت أن تمضي بالإمامة من الحسن إلى أخيه جعفر (٥) ، وأخرى أبطلت إمامة الحسن بموته عقيمًا (٦) .

أما الاثنا عشريّة فقد ذهبت إلى الزّعم بأن للحسن العسكري ولدًا "كان قد أخفى (أي الحسن) مولده، وستر أمره لصعوبة الوقت وشدّة طلب السّلطان له.. فلم يظهر ولده في حياته، ولا عرفه الجمهور بعد وفاته" (٧) .

ويقابل ذلك اتجاه آخر يقول: "إن الحسن بن علي قد صحت وفاته كما صحت وفاة آبائه بتواطؤ الأخبار التي لا يجوز تكذيب مثلها، وكثرة المشاهدين


(١) مروج الذّهب: ٤/١٩٠، وانظر: الصّواعق المحرقة: ص١٦٨
(٢) وعندي أن هذا الاختلاف لم يتوقف إلا بعد قيام السمري - كما سيأتي - بإلغاء فكرة البابية واختراع فكرة النيابة العامة عن المهدي من جميع شيوخهم، فاتفقوا حينئذ على دعوى غيبة المولود لاتفاقهم على قسمة الغنائم التي تجبى باسمه فيما بينهم باسم النيابة
(٣) فرق الشّيعة: ص٩٦، المقالات والفِرَق: ص١٠٦
(٤) فِرَق الشّيعة: ص٩٧، المقالات والفِرَق: ص١٠٧
(٥) المقالات والفرق: ص١١٠
(٦) انظر: المقالات والفرق: ص١٠٩، فرق الشّيعة: ص ١٠٠-١٠١
(٧) المفيد/ الإرشاد: ص ٣٨٩

<<  <  ج: ص:  >  >>