للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما البشر الأحياء فقدرتهم معروفة ولا تكون لهم قدرة غير عادية، نعم قد يتفق قدرة عادية غريبة كما يقع لبعض المرتاضين والسحرة وسيأتي الكلام فيها، فأما معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء فليست بقدرتهم ولا في ملكهم، قال اله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم: «وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى» . وكان الصحابة إذا احتاجوا إلى نفع غيبي إنما يسألون النبي صلى الله عليه وآله وسلم الدعاء كما في الاستسقاء، وقلة الأزواد في السفر، وغير ذلك، والدعاء داخل في المقدورات العادية كما لا يخفى. وكانوا إذا بعدوا عنه فاحتاجوا أن يراجعوه في شيء كتبوا إليه أو أرسلوا على ما جرت به العادة، فإذا لم يمكن ذلك قال أحدهم: أللهم أخبر عنا رسولك، كما قال عاصم بن ثابت، وجاء نحوه عن خبيب ابن عدي / ومنا يحكى عنه مما يخالف ذلك لا يثبت، ولوثبت وجب حمله على المعنى المعروف. ودعاؤهم مرجوا الإجابة وليس ذلك بحتم، قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ» وقال سبحانه: «وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ» الأنعام: ٣٥ والنصوص في هذا المعنى كثيرة.

وأما الجن فأنه مأذون لهم أذناً قدرياً عاماً في الوسوسة لبني آدم، وذاك كالأمر الطبيعي لهم، إما يستدعي بمعصية الله عز وجل والغفلة عن ذكره، ويستدفع بطاعته سبحانه والتعوذ به. فأما ان ينفعوا الناس أو يضروهم فلوكان مأذوناً لهم فيه أذناً قدرياً عاماً يشبه الأذن للناس، لفسدت الدنيا، فإن كان قد يقع شيء من ذلك فإنما يكون بأذن قدري خاص لا يفسد قواعد الدنيا، والإنسان لا يحتاج إلى

<<  <   >  >>