للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: «فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ. فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ. وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً] . النمل:١٢ - ١٤.

فلما تبين لموسى وهارون أن فرعون وقومه قد استحكم كفرهم انتهى مقتضى الحرص على أن يهتدوا، واقتضى حبهما للحق أن يحبا أن لا يهديهما الله، قال الله تعالى: «وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ. قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ» يونس: ٨٨ - ٨٩.

وفي القرآن آيات كثيرة في أن الله تعالى لا يهدي الكافرين، والمراد بهم من استحكم كفرهم وليس كل كافر كذلك، فقد روى هدى الله تعالى ويهدي من لا يحصى من الكفار، وإنما الحق أن لا يهدي الله تعالى من استحكم كفره.

٣ - فصل

وكما اقتضت أن الحكمة أن لا تكون حجج الحق مكشوفة (١) قاهرة فكذلك اقتضت أن لا تكون الشبهات غالبة، قال الله عز وجل: «وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ. وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ. وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ» الزخرف:٣٣ - ٣٥.


(١) الحق أن حجج الله تعالى التي سماها بينات هي مكشوفة واضحة لا خفاء بها وإنما تحفى على من في قلبه كن وفي أذنيه وقر وعلى بصره غشاوة من هواه وأخلاقه وما اعتاد. م ع. أنظر التعليق ص ١٨٢. ن

<<  <   >  >>