للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله عز وجل أن لا يكون ذلك، بل اقتضت أن يرى الأحول الشيء واحد كغيره مع أنه كان يجب أن يرى الشيء أثنين كالمتحاول. وهذا كما اقتضت العناية أن يكون لكل إنسان صورة يمتاز بها عن جميع الناس فلا يلتبس بصاحبك الذي عرفته معرفة محققة أح من أهل الأرض، وهكذا ترى العناية شاملة، والله عز وجل إنما خلق الناس لعبادته، فإذا كانت عنايته به في معاشهم على ما تقدم وهو وسيلة فقط، فأولى من ذلك عنايته بهم في المقصد الذي لأجله خلقهم، وهذا يقتضي حفظ المأخذ السلفي الأول عن أن يستمر فيه غلط حسي يؤدي إلى ضلال في الاعتقاد، على أنه لوكان شيء من ذلك لكشفه المأخذ السلفي الثاني وهو الشرع. فأما المتعمقون فإنهم هم الذين يجلبون الضرر على أنفسهم فلا بدع أن يكلمهم الله عز وجل إلى أنفسهم بل ويزيدهم ضلالاً إلى ضلالهم، ونظير ذلك أن الله تبارك وتعالى إنما هيأ للناس ابتداء من الأسلحة ما لا يصيب به الإنسان في مرة واحدة إلا شخصاً واحداً، وبذلك يحصل التكافؤ بين الناس ويخفف ضرر الفتن، ولا تكاد تصيب من لم يتعرض لهما من الصبيان والنساء والعجزة والبهائم، ولكن الإنسان آخذ يدقق في اصطناع الأسلحة حتى أصطنع القنابل التي تهلك الواحد منها ناحية بما فيها، ويفكر في اصطناع ما هو أشد من ذلك «من القنابل الذرية والهيدروجينية وما هو من الأسرار عندهم أعدوه للفتك بالأمم الأخرى» . (١) وأما القادحون في البديهيات فاعتلوا بأمور:

الأول: أن أجلى البديهيات قولنا: الشيء إما أن يكون وإما أن لا يكون، قالوا: وأنه غير يقيني، وأو ردوا للقدح في يقينيته عدة شبهات ذكرها وأجاب عنها صاحب (المواقف) فراجعه مع شرحه وحواشيه لتعلم ما يتضمنه النظر المتعمق فيه من التشكيل في أوضح الأشياء، وأجلاها تشكيكاً يشتمل على شبهات يصعب على الماهر حلها، وعلى من دونه فهم الحل، ولوأو رد بعض تلك الشبهات على أمر خفي


(١) زيادة من ع. ن

<<  <   >  >>