للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والثانية منقطعة، مع ضعف أحد رواته، والثالثة معضلة أيضا مع ضعف أحد رواته فأين الطريق المتصلة؟ ! وقد زدنا عليه طريقين آخرين إحداهما عن الحسن وهو مرسلة أيضا، والأخرى عن ابن عباس، وهي الوحيدة في الاتصال، ولكن فيها متروك كما سبق بيانه.

وجملة القول: أن هذا الحديث ضعيف لا يطمئن القلب لثبوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لشدة الضعف الذي في جميع طرقه، وبعضها أشد ضعفا من بعض، فليس فيها ما ضعفه يسير يمكن أن ينجبر، خلافا لما ذهب إليه ابن كثير، وإن قلده في ذلك جماعة ممن ألفوا في التفسير، كالشوكاني في " فتح القدير " (٢ / ١٥٤) ، وصديق حسن خان في " فتح البيان " (٢ / ٢١٧) ، وجزم الآلوسي في " روح المعاني بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم، ومن قبله ابن القيم في " الفوائد " (ص ٢٧ - طبع دار مصر) ، وعزاه للترمذي! فجاء بوهم آخر، والعصمة لله وحده.

٩٦٦ - " من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط، فكأنما جلس على جمرة ".

منكر بهذا اللفظ.

أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " (١ / ٢٩٧) عن ابن وهب وسليمان بن داود (وهو الطيالسي) كلاهما عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن كعب عن أبي هريرة مرفوعا.

قلت: وهذا سند ضعيف جدا، فإن ابن أبي حميد هذا قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي: " ليس بثقة "، ولهذا قال الحافظ في " الفتح " (٣ / ١٧٤) بعد أن ذكر الحديث. " إسناده ضعيف ".

وقد رواه عنه أبو داود الطيالسي في مسنده " بلفظ آخر فقال: (١ / ١٦٨ - ترتيبه) : حدثنا محمد بن أبي حميد عن محمد بن كعب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لأن يجلس أحدكم على جمرة خير له من أن يجلس على قبر ". قال أبوهريرة: يعني يجلس لغائط أو بول.

قلت: وهذا التفسير للجلوس وإن كان باطلا في نفسه كما سيأتي، فهو بالنظر لكونه منسوبا لأبي هريرة أقرب من رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما في رواية الطحاوي وهو أخرجها كما رأيت من طريق ابن وهب عن ابن أبي حميد، ثم من طريق الطيالسي عنه بلفظ ابن وهب مغايرا للفظه في " المسند ".

وهذا أقرب أيضا، لأنه روى الحديث المرفوع عن الجادة كما رواه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر ".

<<  <  ج: ص:  >  >>