للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فإنه يَتَّهم عُلماء الحديث والأصول جميعاً بأنهم يقولون بخلاف ما يفعلون!

وتالله إن رأيتُ مثل هذا الرجل بَهْتاً وافتراءً وقِلَّةَ حياءٍ، فلقد هانت عندي كلُّ افتراءاته عَلَيَّ.- التي سبق أن ذكرتُ بعضها- حين رأيت اتِّهامَه المذكور للعُلماءِ دون أي استثناء، وما ذلك إلا لِيَتَّخِذَ فِعْلَهم- إنْ ثَبَتَ- حُجَّةً له فيما ذهب إليه من الجواز. والحق والحقَّ أقول: هو الذي يفعل بخلاف ما يقول، فكثيراً ما يردُّ الحديث الذي عند خصمه بضعف إسناده كما فعل في حديث "صلاة بعمامة ... " المُتَقدّم، فإنه لم يعمل به مع أنه موافقٌ لقوله في العمل بالحديث الضعيف في الفضائل والأحكام، فهذا من الأدلّة الكثيرة على أنه يكيلُ بكيلين، ويلعبُ على الحبلين.

ومن تلك الأمورِ التي زَلَّ فيها الغُماريُّ المغمورُ قوله:

"والجمهورُ الذين أجازوا العمل بالضعيف في الفضائل ونحوها اقتدوا بصنيع الشارع حيث تجاوزَ في الفضائل ما لم يتجاوزْ في الفرائض

والأحكام. وإليك أمثلةً من ذلك ... ".

ثم ساق سبعةً منها كلُّها تدورُ حول إباحتهِ تعالى على لسان نبيِّه في النوافل ما لم يَبح لهم في الفرائض!

فأقول: هذا من تدليساتهِ ومُغالَطاتهِ الخبيثة، إذ إِنَّ التجاوز الذي في هذه الأمثلة ونحوها لا يعني الاستحبابَ المقصودَ من قول القائلين بجواز العمل بالحديث الضعيف ... لأنهم إنما يَعْنونَ الاستحبابَ، أي أنّ العمل به أفضلُ من تركه، وليس الأمرُ كذلك في الأمثلة التي أوّلها صلاة النافلة؛ من قعود مع القُدرة على القيام، فهذا جائزٌ وليس بمستحبّ، بل المستحبّ أن يُصلي قائماً، وكذلك القول في سائر أمثلته. فسقط كلامه بِرُمَّتهِ.

ثم لو صحَّ كلامُه في الفضائل فما فائدته وهو يقول بما هو أكثر وأدهى

<<  <  ج: ص:  >  >>