للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فلا أدري - والله! - كيف يتجرأون على مثل هذا القول المخالف للأحاديث

الصحيحة وفعل الصحابة كما تقدم في أثر عبد الله بن يزيد الأنصاري، وليس

بأيديهم ما يساويها ثبوتاً، فضلاً عن أن تكون أقوى منها دلالة؟ ! فلو أنها كانت

ثابتة لما دلت على أكثر من الجواز، فالأفضلية من أين؟ !

ومن ذاك القبيل؛ قول محدِّثهم الأكبر - بحق - في " فتح الباري " (٢ / ٥٠٠) :

" ويمكن الجمع بين ما اختلف من الروايات في ذلك بأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدأ بالدعاء، ثم

صلى ركعتين ثم خطب، فاقتصر بعض الرواة على شيء، وبعضهم على شيء،

وعبر بعضهم عن الدعاء بالخطبة، فلذلك وقع الاختلاف "! ونقله عنه الشوكاني

(٤ / ٥) !

فأقول:

أولاً: الجمع فرع التصحيح، فما دام أنه لم تثبت خطبته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الصلاة؛

فلا جمع؛ لأنه يشترط فيه أن تكون الروايتان المختلفتان من قسم (المقبول) ؛ كما

ذكر ذلك الحافظ نفسه في " شرح النخبة ".

وثانياً: يدفع الجمع المذكور برواية ابن خزيمة المتقدمة في أول هذا التخريج؛

فإنها صرحت بأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما استسقى خطب ودعا. فسقط الجمع المذكور،

فوجب الاعتماد على الأحاديث الصحيحة فقط والأثر الموافق لها. ولعل هذا

مذهبُ الحافظ ابن المنذر؛ فقد قال النووي عقب ما سبق نقله عنه:

" وأشار ابن المنذر إلى استحباب تقديم الخطبة، وحكاه عن عمر بن الخطاب

وغيره، وحكاه العبدري عن عبد الله بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، والليث بن

سعد ".

<<  <  ج: ص:  >  >>