للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأقره الشيخ الأعظمي - كما هي عادته أو غالب عادته - في تعليقه على

"المسند"! ووجه الوهم إنما هو ظنه أن أسحاق - هذا المتروك - هو شيخ البزار في هذا

الإسناد، وليس كذلك؛ وإنما إسحاق بن وهب بن زياد العلاف الواسطي: ثقة من

شيوخ البخاري أيضاً، توفي سنة (٢٥٥) ، والاول مصري من (طُهُرمس) - من قرى

مصر - توفي سنة (٢٥٩) ؛ فهما متعاصران، ومن هنا كان الوهم. والواسطي هو

الذي ذكروه راوياً عن يعقوب بن محمد، وعنه البزار، وإنما علة الحديث من شيخه

يعقوب بن محمد - وهو: الزهري المدني -: قال الحافظ:

"صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء".

قلت: وأنا أخشى أن يكون هذا الحديث من أوهامه؛ فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل

مكة ظاهراً منصوراً، حتى طاف بالبيت وصلى فيه، كيف لا وهو القائل يومها:

"من دخل دار أبي سفيان؛ فهو آمن، ومن دخل الحرم؛ فهو آمن، ومن أغلق

بابه؛ فهو آمن ".

يضاف إلى ذلك ما هو معلوم من سيرته الشريفة أنه كان لا يتميز في جلوسه

على أصحابه حتى لا يعرفه الغريب من بينهم؛ خلافاً لعادة الملوك، اللهم إلا في

حال الحرب؛ كما جاء فِي حَدِيثِ صلح الحديبية: أن عروة بن مسعود المرسل من

قِبل مشركي مكة كان كلما تكلم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أخذ عروة بلحيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ

شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ السَّيْفُ، وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ، فكان المغيرة رضي

الله عنه كلما فعل ذلك عُرْوَةُ؛ ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ، وَقَالَ لَهُ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ

لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث بطوله رواه البخاري (٢٧٣١) .

فأخشى أن يكون اختلط الأمر على يعقوب؛ فنقل هذا إلى (يوم الفتح)

وجعل (أبا بكر) .. مكان: (المغيرة) . والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>