للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اعترف أحد كبار شيوخ الشيعة في القديم "ابن طاوس" وأحد كبار الشيعة في العصور الأخيرة "النوري الطبرسي" (ت ١٣٢٠هـ) أن تفسير التبيان للطوسي موضوع على أسلوب التقية وعلى غاية المداراة للمخالفين - كما سبق - (١) ، ومن الدليل أنه وضع على التقية أن الطوسي هذا يرفض الاحتجاج بروايات أهل السنّة، بل يرفض روايات زيد بن علي بن الحسين (وهو من كبار أئمة أهل البيت وأجمع أهل السنّة على أنه من ثقات المسلمين، ولكن الطوسي يرفض روايته (٢) لأنه ليس بجعفري، فكيف مع هذا يحتج الطوسي بروايات أهل السنّة في تفسيره «التبيان» إلا على أساس التقية ومحاولة نشر التشيع بين أهل السنّة بالاحتجاج على أصوله من روايتهم؟.

فكانت حقيقة محاولة "الطوسي" في التقريب هو نشر عقيدة "الرافضة" بين جمهور المسلمين. وفي «البحار» للمجلسي - وهو أحد مصادرهم الثمانية في الحديث - باب مستقل في النهي عن الأخذ بروايات السنّة إلا في حالة الاحتجاج عليهم (٣) . وقد سار الطبرسي على منوال الطوسي ومسلكه - كما أسلفنا (٤) -.

وإذا كان الشيخ أبو زهرة يرى أن الطوسي الرافضي كان أول من دعا للتقريب فهذا صحيح باعتبار أنه قدم منهجاً في هذا السبيل، وإلا فإن التاريخ يشير إلى حصول محاولات للتقارب بين السنّة والشيعة في القرن الخامس الهجري حدثت أثناء الصراع العنيف الذي نشب


(١) ص ٢٤٤ من هذا البحث.
(٢) انظر: ص ٣٣٨ من هذا البحث.
(٣) انظر هذا البحث: ص ٥٦.
(٤) انظر هذا البحث: ص ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>