للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طائفة: ظنت أنه إذا كان بعض نصوص الصفات ليس على ظاهره، مثل حديث: عبدي مرضت (١) ، ونحوه، فهو دليل على جواز التأويل لكل نص وارد في الصات دل ظاهره على التشبيه أو خالف المعقول مثلا، ولو كان ثبوته ودلالته قطعيين - وهذا قول طوائف أهل الكلام - مع تفاوتهم في ذلك -.

وطائفة: عكست الأمر فظنت إنه إذا كان لا يجوز التأويل في نصوص الصفات، فكذلك النصوص الأخرى يجب حملها على ظاهرها، ولو دلت القرائن على أن هذا الظاهر الفاسد منتف، وهؤلاء كثيرا ما يخلطون بين الأحاديث الصحيحة والموضوعة.

وكل من الطائفتين لم يوفق إلى الحق والصواب، بل وقع في البدعة وخالف النصوص الدالة على إثبات الصفات لله من غير تمثيل ولا تعطيل. وسبب ذلك أنهم لم يفرقوا في النصوص بين ما هو من الصفات وما ليس منها، وإنما خلطوا الأمر إما إثباتاً أو نفياً وتعطيلاً.

وقد اهتم شيخ الإسلام بهذا الأمر، وميز تمييزا واضحا بين النصوص الدالة على الصفات، والنصوص التي ليست منها، إما لعدم ثبوتها، أو لأن القرائن دلت على أنها ليست من الصفات.

بل قد قال شيخ الإسلام جازماً: "وأما الذي أقوله الآن وأكتبه - وإن كنت لم أكتبه فيما تقدم من أجوبتي، وإنما أقوله في كثير من المجالس - أن جميع ما في القرآن من آيات الصفات فليس عن الصحابة اختلاف في تأويلها. وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة وما رووه من الحديث، ووقفت من ذلك على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصغار أكثر من مئة تفسير، فلم أجد - إلى ساعتي هذه - عن أحد من الصحاب أنه تأول شيئاً من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف" (٢) .


(١) سبق تخريجه (ص:٨٣٦) .
(٢) مجموع الفتاوى (٦/٣٩٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>