للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن لم يقف إلا على كتب الكلام، ولم يعرف ما قاله السلف وأئمة السنة في هذا الباب، فيظن أن ما ذكروه هو قول أهل السنة، وهو قول لم يقله أحد من أئمة السنة، بل قد كفر كأحمد بن حنبل ووكيع وغيرهما من قال بقول جهم في الإيمان الذي نصره أبو الحسن، وهو عندهم شر من قول المرجئة" (١) أي مرجئة المتكلمون.

ويلاحظ من هذا النص لشيخ الإسلام أن مذهب الأشاعرة في الإيمان قد تطور في بعض مسائله، فمثلاً كان للأشعري قولان، أحدهما موافق للسلف - كما سبق - وقول آخر وافق فيه جهما، ومع ذلك فهو في الاستثناء في الإيمان موافق لمذهب السلف. فلما جاء أصحابه من بعده نصورا قوله الموافق لجهم دون أقواله الأخرى الموافقة لمذهب السلف.

أما أدلة الأشاعرة على قولهم في الإيمان فقد ذكر شيخ الإسلام عمدتهم في ذلك - كما ذكره الباقلاني في التمهيد، فقالك "قال القاضي أبو بكر في التمهيد: "فإن قالوا: فخبرونا ما الإيمان عندكم؟ قيل: الإيمان هو التصديق بالله وهو العلم، والتصديق يوجد بالقلب. فإن قال: فما الدليل على ما قلتم؟ قيل: إجماع أهل اللغة قاطبة على أن الإيمان قبل نزول القرآن وبعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - هو التصديق، لا يعرفون في اللغة إيمانا غير ذلك، ويدل على ذلك قوله: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} (يوسف: من الآية١٧) أي: بمصدق لنا، ومنه قولهم: فلان يؤمن بالشفاعة، وفلان لا يؤمن بعذاب العبر، أي لا يصدق بذلك، فوجب أن الإيمان في الشريعة هو الإيمان في اللغة ... " (٢) إلى آخر قول الباقلاني الذي نقله شيخ الإسلام ثم قال: "هذا عمدة من نصر قول الجهمية في مسألة الإيمان" (٣) .


(١) الإيمان (ص:١١٥) ط المكتب الإسلامي.
(٢) المصدر السابق (ص:١١٥-١١٦) ط المكتب الإسلامي، وقارن بالتمهيد للباقلاني (ص: ٣٤٦) ت مكارثي.
(٣) الإيمان (ص:١١٦) ط المكتب الإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>