للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً: الرؤية:

مذهب السلف إثبات الرؤية، وأن المؤمنين يرون ربهم في الجنة كما دل على ذلك الكتاب والسنة والعقل والإجماع، ووافقهم على ذلك الاشاعرة، خلافا للمعتزلة ومن وافقهم.

ولكن الاشاعرة لما كانوا يؤولون الصفات الاختيارية القائمة بالله ومنها المحبة، والرضا، وأن الله يحب ويحب، وكذلك لما كان متأخروهم ينفون صفة العلو والاستواء لله تعالى - لما كان الأشاعرة على هذا وهم يثبتون الرؤية، وقعوا في التناقض، وخالفوا مذهب السلف في أمرين:

أحدهما: قولهم إن الله يرى لا في جهة، لا أمام الرائي، ولا خلفه ولا عن يمينه، ولا عن يساره، ولا فوقه، ولا تحته. وقالوا. ليس من شرط الرؤية المقابلة والجهة، واحتجوا بما ذكره الأشعري من أن كل موجود يصح أن يرى (١) ، وقد يحتجون بالمرآة فإن الإنسان يرى نفسه فيها لا في جهة (٢) .

الثاني: أن بعض الأشاعرة - مع إقرارهم بالرؤية - أنكروا أن يكون المؤمن ينعم بنفس رؤية ربه، لأنه لا مناسبة بين المحدث والقديم (٣) ، وهذا مخالف لمذهب جمهور السلف.

أما الأمر الثاني: فهو مبني على إنكار هؤلاء أن الله يحب ويحب، ولا شك أن نصوص الرؤية المتواترة دلت على أن المؤمنين يتلذذون بالنظر إلى ربهم تبارك وتعالى في الجنة، وأن ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من النظر إليه، والنصوص التي دلت على الرؤية، دلت في بعض رواياتها على ذلك (٤) .


(١) انظر: الإرشاد للجويني (ص:١٨٠-١٨١) .
(٢) انظر: الاقتصاد للغزالي (ص:٤٢) ط دار الكتب العلمية.
(٣) انظر: النظامية للجويني (ص:٣٩-٤٠) ، ومنهاج السنة (٣/٩٧) ط بولاق، والاستقامة (٢/٩٦-٩٧) وهو أيضاً في مجموع الفتاوى (١٠/٦٩٥) .
(٤) من ذلك رواية مسلم، كتاب الإيمان، باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة لربهم ورقمه (١٨١) ، ورواية النسائي، كتاب السهر، باب الدعاء بعد الذكر، ورقمه (١٣٠٥) سنن النسائي (٣/٥٤-٥٥) . ومسند الإمام أحمد (٥/١٩١) ، وانظر الاستقامة (٢/٩٨-١٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>