للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الأشياء التي تلفت الانتباه ني محن ابن تيمية دوره الإيجابي فيها، فلم تكن تلك الأحداث وما يصاحبها من التشهير والسجن وصنوف الإيذاء النفسي والجسدي تبعد به عن أهدافه الكبرى من تعليم الناس وبيان الحق لهم، ولذا تجده وهو في وسط المحنة إذا أحس بانفراج- ولو كان محدودا- لا يلتفت إلى ذاته ونفسه والدفاع عنها، والانتقام لها، وإنما يتوجه إلى أصل القضية التي يدافع عنها يبين الدليل عليها، ويؤلف الكتب والرسائل حولها ولعل تلك الكتب العظيمة التي قد يبلغ الواحد منها مجلدات والتي ألفت على أثر بعض تلك المحن من أعظم الجوانب الإيجابية فيها.

وسنعرض لجانبين اثنين حول محنه:

الجانب الأول: عرض مختصر لمحنه التي مر بها.

والجانب الآخر: أدوار ابن تيمية الإيجابية في هذه المحن.

أ- عرض مختصر للمحن التي مر بها:

١- محنته بسبب " الحموية ":

وكان ذلك في شهر ربيع الأول سنة ٦٩٨ هـ، في آخر سلطة المنصور حسام الدين لاجين-[٦٩٦- ٦٩٨ هـ] وذلك بين سلطة الناصر قلاوون الأولى والثانيةوكان نائب الشام سيف الدين قبج المنصورى، فلما كان في أول عام ٦٩٨ هـ بلغ النائب والأمراء أن السلطان غاضب عليهم، فعزموا على الذهاب إلى بلاد التتر والنجاة بأنفسهم (١) ، فوقع اضطراب شديد، ففى هذه الأثناء وقعت محنة ابن تيمية حول الحموية، رلعل الفقهاء استغلوا هذه الفوضى فحملوا على عقيدة الشيخ، وملخص هذه المحنة أنه كتب جوابا سئل عنه من حماه (٢) في الصفات


(١) انظر: البداية والنهاية (١٤/٢) .
(٢) يقول ابن تيمية: (كنت سئلت من مدة طويلة بعيدة سنة تسعين وستمائة عن الآيات والأحاديث الواردة في صفات الله، في فتيا قدمت من حماه فأحلت السائل على غيرى فذكر أنهم يريدون الجواب مني، فكتبت الجواب في قعدة بين الظهر والعصر، نقض التأسيس المخطوط (١/٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>