للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أسباب الشك أن ابن فورك لم يذكر الإبانة عند ذكره لمؤلفات الأشعري، بل ولم ينقل منها حين جمع مقالات الأشعري، أو مقالات ابن كلاب مع مقارنتها بأقوال الأشعري، وهذا مثير للانتباه فعلا، لأن الأشعرية يفتخرون بهذا الكتاب ويؤكدون نسبته إلى الأشعري ليبينوا عدم انحراف أمامهم وأنهم تبع له، فكيف يجهل ابن فورك هذا الكتاب المهم؟. وإذا كان ابن فورك قد توفي سنة ٤٠٦ هـ فإن تلميذه الذى يروى عن شيخه ابن فورك في أسانيدهـ الإمام الحافظ أبا بكر البيهقي المولود سنة ٣٨٤ هـ- أثبت نسبة الإبانة للأشعرى ونقل عنه في بعض كتبهـ كما تقدم قربيا- والبيهقي- المحدث الفقيهـ أجل من ابن فورك الذي غلب عليه علم الكلام (١) .

ولابن تيمية كلام مهم حول هذا الموضوع- نثبته هنا لعلاقته بكتاب الإبانة ونسبته إلى الأشعري، فإنه قال بعد ذكره للعلماء الذين أثبتوه ونقلوا عنه - " فإن قيل: فابن فورك وأتباعه لم يذكروا هذا؟، قيل له سببان:

أحدها: أن هذا الكتاب ونحوه صنفه ببغداد في آخر عمره لما زاد استبصاره في السنة، ولعله لم يفصح في بعض الكتب القديمة بما أفصح به فيه وفي أمثاله وإن كان لم ينف فيها ما ذكره هنا في الكتب المتأخرة، ففرق بين عدم القول وبين القول بالعدم ... ثم نقل ابن تيمية ماذكره ابن عساكر عن ابن فورك وماذكره من مؤلفات الأشعري وتعقب ابن عساكر له،....

السبب الثاني: أن ابن فورك وذويه كانوا يميلون الى النفي في مسألة الاستواء ونحوها، وقد ذكرنا فيما نقله هو من ألفاظ ابن كلاب- وهو من


(١) ومع ذلك فقد يتحرز ابن فورك في بعض الأحيان في الرواية والضبط، حتى أنه عندما تكلم في مشكل الحديث وبيانه (ص: ٣٦-٣٧) ط المكتبة العصرية، حول تأويل الحديث " رأيت ربي في أحسن صورة،- وذكر القول بأنه منام- قال بعد ذلك " وقد تهور بعض المتكلمين في ذلك أيضا فغير اللفظ المسموع الى مالم يضبط ولم ينقل تعسفا في التأويل فقال: إنما هو"ربي" بكسر الراء وهو اسم عبد كان لعثمان- رضي الله عنهـ رآه - صلى الله عليه وسلم - في النوم على تلك الصفات، وهذا غلط، لأن التأويل والتخريج إنما يكون لمسموع مضبوط منقول، ولم يثبت سماع ذلك على هذا الوجه ... ". فهذايدل على احترامه لنصوص السنة، وإن كان قد وقع في كثير من التأويل الباطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>