للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما أهم آراء أبي علي الجبائي، فهي مبنية على مذهب المعتزلة القائم على أصولهم الخمسة، ومع أن الجبائي يعتبر إماما للمعتزلة في زمانه الا أنه انفرد بآراء تستوقف الناظر، ولن نتعرض لجميع آرائه فقد كتبت حولها مع آراء ابنه أبي هاشم رسالة علمية (١) ، ولكن نذكر منها ما يلفت النظر ويعين على فهم الأجواء التي عاشها الأشعري في فترة تتلمذه عليه:

ا- في مسألة كلام الله، قال بقول المعتزلة: أنه مخلوق، لكنه أتى برأى جديد وهو قوله: " إن الله تعالى يحدث عند قراءة كل قارى كلاما لنفسه في محل القراءة" (٢) ، وقوله " كلام الله يوجد مع قراءة كل قارىء، ثم الكلام عنده حروف تقارن الأصوات المتقطعةعلى مخارج الحروف، وليست هي أصواتا" (٣) وقوله "إذا اجتمع طائفة من القراء على تلاوة آية، فيوجد بكل واحد منهم كلام الله، والموجود بالكلام كلام واحد" (٤) ، فهل كان قوله: إن الله يحدث عند قراءة كل قارى كلاما لنفسه، وقوله إن الكلام بلا أصوات يقرب من الكلام النفسي الذى قال به الأشعرية (٥) ؟.، ومما يلاحظ أن الأشعري شنعوا عليه في قوله: إن الصوت كامن في الحروف في المصاحف، وقد علق ابن المرتضي على ذلك بقوله: " فالشيخ أبو على خاف ما خاف أهل الأثر في المرتبة الأولى من الكفر في مخالفة السمع، فتكلف مخالفة المعقول في كون الصوت في الحروف المكتوبة، وفي إحداث صوت من الله مع صوت كل قارى، حتى


(١) بعنوان: الجبائيان أبو على وأبو هاشم، تأليف على فهمي خشيم، حصل عليها من جامعة عين شمس بمصر، كلية الآداب بإشراف محمد عبد الهادى أبو ريدة، وقد طبعت في ليبيا- دار الفكر سنة ١٩٦٨. م- ويظهر الباحث تعاطفه الشديد معهم وقد قال في المقدمة (ص: هـ) " كان المعتزلة استولوا على عقلي بعقلهم منذ زمن بعيد".
(٢) الملل والنحل للشهرستاني (١/٨١) .
(٣) الإرشاد للجويني (ص: ١٢٣) .
(٤) نفس المصدر والصفحة.
(٥) انظر: الجبائيان (ص: ١١٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>