للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- أن العادة أن الإنسان إذا انتقل من عقيدة إلى عقيدة يكون متحمسا لعقيدته الجديدة، وأن الأشعري في أول فترة انتقاله كان متحمسا لعقيدة السلف، يعيش رد فعل لحياته الأولى، فمن الملائم- والحالة هذهـ أن الأشعري قد ألف كتابه الإبانة، التى يعلن فيها صراحة تمسكه بأقوال الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله- (١) .

٣- أن المطلع على اللمع، يرى أنه يمثل فترة نضوج فكري، فهو يعرض فيه الأدلة والمناقشات بشكل جيد، فالأشعري في هذا الكتاب أقوي حجة وبيانا فلذلك من المفترض أن يكون ألفه في مرحلته الأخيرة (٢) .

أما أدلة الذين يقولون إن الإبانة آخر كتب الأشعري فهي كما يلي:

١- ما رواه ابن عساكر عن ابن عذرة في قصة رجوع الأشعري وفيها:

" فبعد ذلك خرج إلى الجامع فصعد المنبر وقال: يا معشر الناس: إني إنما تغيبت عنكم في هذه المدة لأني نظرت فتكافأت عندي الأدلة، ولم يترجح عندي حق علي باطل، ولا باطل على حق، فاستهديت الله تبارك وتعالى فهداني الى اعتقاد ما أودعته في كتبي هذه، وانخلعت من جميع ما كنت أعتقده كما انخلعت من ثوبي هذا، وانخلع من ئوب كان عليه ورمى به ودفع الكتب إلى الناس فمنها كتاب "اللمع" وكتاب أظهر فيه عوار المعتزلة سماه بكتاب " كشف الأسرار وهتك الأستار وغيرهما" (٣) ، فهذا دليل على تقدم اللمع على الإبانة.

٢- أن الأشعري لما ذكر مؤلفاته في كتابه " العمد" لم يذكر منها الإبانة وقد ذكر ابن فورك أن هذه المؤلفات ألفها فى سنة عشرين وثلاثمائة، فلو كانت


= بعد الرجوع الى هذه الطبعة (٢/٤٤٦-٤٤٧) لم أجده فيها، كما لم أجده في الطبعة الأولى (١/٥٨٦-٥٨٧) ، ولا في طبعة دار صادر (٣/٢٨٥) .
(١) انظر: الأشعري: حمودة غرابة (ص: ٦٧-٦٨) ، ومقدمة اللمع له (ص: ٧-٨) ، والقضاء والقدر: للدسوقي (٢/٢٩٨) ، والأشاعرة: أحمد صبحي (ص: ٤٥-٤٦) .
(٢) انظر: نشأة الأشعربة وتطورها (ص: ١٩٤-١٩٥،٢١٠) ، والقضاء والقدر للدسوقي (٢/٢٩٨) .
(٣) التبيين (ص: ٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>