للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية جابر أنه قال لما غضب على عمر: أمتهوكون (١) فيها يا ابن الخطاب، والذى نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى- عليه السلام- كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني " (٢) ، وقد طبق هذا عمر- رضي الله عنهـ عمليا، فقد ضرب رجلا من عبد القيس لأنه انتسخ أحد الكتب السابقة وأمره بمحوه (٣) .

والاستغناء بالكتاب والسنة والاعتماد عليهما نابع من اليقين القاطع أن ما جاء به فهو حق وصدق، يقول شيخ الاسلام ابن تيمية: " وأما خبر الله ورسوله فهو صدق، موافق لما الأمر عليه في نفسه، لا يجوز أن يكون شيء من أخباره باطلا ولا مخالفا لما عليه في نفسه، ويعلم من حيث الجملة أن كل ما عارض شيئا من أخباره وناقضه فإنه باطل من جنس حجج السوفسطائية (٤) ، وإن كان العالم بذلك لا يعلم وجه بطلان تلك الحجج المعارضة لأخباره، وهذه حال المؤمنين للرسول الذين علموا أن رسول اللة الصادق فيما يخبر به، ويعلمون


(١) أى: أمتحيرون، هكذا فسره الحسن وأبو قلابة،؟ في شعب الإيمان للبيهقي (١/ ٤٨١) والمر اسيل (ص: ٢٢٤) .
(٢) رواه الإمام أحمد (٣/٣٨٧) ، والدارمي في سننهـ باب ما يتقى من تفسير حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - (١/٩٥) ورقمه (٤٤١) ، والبيهقي في شعب الإيمان (١/٤٧٩) - ط الدار السلفية في الهند. وهذا الحديث رواه أبو داود في المراسيل عن أبي قلابة في كتاب العلم (ص: ٢٢٣) ت السيروان كما رواه ابن أبي حاتم مختصرا كما في تفسر ابن كثير (سورة يوسف: ٣) . وانظر التعليق القادم.
(٣) ثم ذكر عمر قصته مع النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه أبو يعلى الموصلي، وأبو بكر الاسماعيلي، كما نقله عنهما ابن كثير في تفسيره (سورة يوسف: ٣) . والحديث حسنه الألباني كا في تخريج المشكاة رقم (١٧٧،١٩٤)
(٤) السوفسطائية: السفسطة: قياس مركب من الوهميات، والغرض منه تغليط الخصم وإسكاته، والسوفسطائيون: جماعة من فلاسفة اليونان، وزعيمهم بروتاجوراس الذى ولد سنة (٤٨٠ ق. م) . ونظريتهم تقوم على أنه ليس هناك وجود خارجى مستقل عما في أذهاننا، فما يظهر للشخص أنه الحقيقة يكون هو الحقيقة له، فإذا رأى السراب ماء فهو عنده حقيقة ماء. انظر: التعريفات (ص:٦٣) ، وكشاف اصطلاح الفنون (١٧٣١٣) ، وقصة الفلسفة اليونانية (ص: ٦٢-٧٢) ، وربيع الفكر اليوناني (ص: ٦٥) ، والمعجم الفلسفى (١/٦٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>