للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل قول العرب ضحكت الأرض إذا تبدي نباتها، وضحك طلع النخل إذا بدا كافوره، ويقال هذا طريق ضاحط أي ظاهر واضح، ثم يقول: " فمرجع الضحك في هذا كله إلى البيان، ومعنى الخبر (١) والله أعلم بالمراد: يضحك الله أي يبين الله ثواب هذين الرجلين المقتولين ... فإذا وجدنا للضحك معنى صحيحا تعرفه العرب في لغتها غير الكشر عن الأسنان عند حلول التعجب منه كانت إضافة ذلك إلى ربنا سبحانه أولى مما أضافت إليه المشبهة، نعوذ بالله من الحيرة في الدين وهو ولي المعونة" (٢) ، وهذا تأويل واضح لهذه الصفة، وفي صفة العجب يذكر عدة تأويلات منها: أن معنى عجب ربك أي عظم عنده، وقيل معناه رضي وأثاب، وقيل: جازاه على عجبه (٣) ، ولا يذكر إثبات هذه الصفة كما يليق بجلال الله وعظمته، كما يؤول الفرح بالرضا (٤) .

د- أما الصفات الاختيارية التي تقوم بالله تعالى كالنزول والمجيء والإتيان فيتأولها ولا يثبتها كما يليق الله وعظمته، وهذا بناء على نفي حلول الحوادث، يقول عن النزول: " ولا يجوز حمل ذلك على النزول والنقلة ... لما فيه من تفريغ مكان وشغل آخر، والقديم قد جل أن يكون موصوفا بشيء من ذلك، كذلك وقد حكى الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام أنه قال: {لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} (الأنعام:٧٦) ، واحتجاجه بهذه الآية هنا هو احتجاج جمهور الأشاعرة الذين يزعمون إن إبراهيم عليه السلام استدل بتغير وتحرك النجم على أنه لا يصلح أن يكون إلها، وبنوا على ذلك نفي حلول الحوادث بذات الله تعالى. ويقول أبو الحسن الطبري عن الإتيان والمجيء، " فإن قيل: فما تقول في قوله تعالى: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ


(١) يشير إلى ما سبق أن ذكر من حديث " يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، يدخلان الجنة ... " وهو حديث متفق عليه، البخاري كتاب الجهاد، باب الكافر يقتل المسلم ورقمه (٢٨٢٦) فتح الباري (٦/٣٩) ، ومسلم كتاب الإمارة، باب بيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الحنة ورقمه (١٨٩٠) .
(٢) تأويل الأحاديث (١ ٣٥ - أ - ب) .
(٣) انظر: المصدر (ل٣٥ - أ - ب) .
(٤) نفسه (ل ٤٢- أ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>