للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- ويقطع في هذه المسألة عند كلامه عن كلام الله والرد على القول بخلق القرآن فيقول: " ويستحيل من قولنا جميعاً أن يفعله في نفسه تعالى لأنه ليس بمحل للحوادث" (١) .

٤- ومن ذلك قوله في صفة المجيء والإتيان فقد ذكر فيهما عدة أقوال، وكلها ذكر فيها ما يدعم قوله في نفي حلول الحوادث بذات الله تعالى، يقول عن المخالفين المعترضين على آيات القرآن: " واعترضوا أيضاً [ب-] قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} (الفجر:٢٢) ، وقوله: {يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} (البقرة:٢١٠) ، قالوا: والمجيء والإتيان حركة وزوال وذلك عندهم محال في صفته، فالجواب عن هذا عند بعض الأمة: أنه يجيء ويأتي بغير زوال ولا انتقال ولا تكييف، بل يجب تسليم ذلك على ما ورد وجاء به القرآن، والجواب الآخر أنه يفعل معنى يسميه مجيئاً وإتياناً، فيقال: جاء الله، بمعنى أنه فعل فعلاً كأنه جائياً (٢) ، كما يقال: أحسن الله وأنعم وتفضل، على معنى أنه فعل فعلاً استوجب به هذه الأسماء، ويمكن أن يكو أراد بذلك إتيان أمره وحكمه والأهوال الشديدة التي توعدهم بها وحذرهم من نزولها، ويكون ذلك نظيراً لقوله عزوجل: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} (الحشر:٢) ، ولا خلاف في أن معنى هذه الآية: أنها أمره وحكمه إياهم (٣) ، وعقوبته ونكاله، وكذلك قوله: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} (النحل:٢٦) (٤) .

فهذه ثلاثة أقوال في معنى المجيء والإتيان: أحدهما: التسليم بهتين الصفتين بشرط نفي ما يدل على قيام الحوادث بالله بحيث تكون بغير زوال ولا انتقال.


(١) التمهيد (ص: ٢٣٨) .
(٢) هكذا في المخطوطة، والصواب: جاء.
(٣) في نكت الانتصار حيث اختصر النص السابق وردت هنا كلمة: وحكمته بدل وحكمه إياهم.
(٤) الانتصار للقرآن - مخطوط - (١/٥٣٩-٥٤٠) ، وانظر: نكت الانتصار المطبوع (ص: ١٩٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>