للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأويل العرش في هذه الآية على معنى الملك، كأنه أراد أن الملك ما استوى لأحد غيره وهذا التأويل مأخوذ من قول العرب: ثّلّ عرشُ فلان إذا ذهب ملكه ... فصح بهذا تأويل العرش على الملك في آية الاستواء على ما بيناه (١) ، ويقول في موضع آخر حول معنى آية الاستواء: " ومعناه عندنا على الملك استوى، أي استوى الملك للإله، والعرش هاهنا بمعنى الملك ... " (٢) .

أما مسألة العلو فهو من نفاته، ولذلك بوب لإحدى المسائل بقوله: " المسألة السابعة من الأصل الثالث في إحالة كون الإله في مكان دون مكان " (٣) ، ثم ذكر أقوال الكرامية والمعتزلة والحلولية، ثم قال: " ودليلنا على أنه ليس في مكان بمعنى المماسة قيام الدلالة على أنه ليس بجوهر ولا جسم ولا ذي حد ونهاية، والمماسة لا تصح إلا من الأجسام والجواهر التي لها حدود" (٤) ، ثم ذكر أنه أفراد هذه المسألة في كتاب مفرد (٥) ، وفي موضع آخر يذكر أن الله كان ولا مكان وهو الآن على ما كان (٦) .

فالبغدادي من نفاة العلو ومؤولة الاستواء، وبهذا يتبين أن القول بذلك في المذهب الأشعري جاء قبل الجويني.

٥- وأبرز تطور جاء على يد البغدادي هو قوله في الصفات الخبرية، وقد سبق ذكر أن الباقلاني وابن فورك ومن قبلهما أثبتوا لله الوجه واليدين والعين ومنعوا من تأويلها، وابن فورك - مثلاً - وإن قال بتأويل بعض الصفات الخبرية، كالقدم والإصبع واليمين - كما مر - إلا أن هذه الصفات - صفات الوجه واليدين والعين- لم يؤولها ولم يسلك فيها ما سلكه في غيرها بل نص على


(١) أصول الدين (ص: ١١٣-١١٤) .
(٢) المصدر نفسه (ص: ٧٨) .
(٣) المصدر نفسه (ص: ٧٦) .
(٤) المصدر نفسه (ص: ٧٧) .
(٥) انظر: المصدر نفسه (ص: ٧٨) .
(٦) انظر: الفرق بين الفرق (ص: ٣٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>