للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابق، ثم قال:] واليد المضافة إلى الله تعالى صفة له خاصة وقدرة له بها فعله" (١) ،كما أنه أوّل القدم والإصبع (٢) .

وبهذا يتبين أن البغدادي قال بتأويل الصفات الخبرية في وقت مبكر، وأن الجويني - المولود سنة ٤١٩ هـ والمتوفى سنة ٤٧٨هـ - الذي اشتهر عنه أنه أول من أوّل الصفات الخبرية قد سبق إلى ذلك من جانب بعض أعلام الأشاعرة، مع أن البغدادي يشير في مسألة تأويل اليد بالقدرة إلى أن بعض أصحابهم قد قال به، ولم يحدد القائل، وهذا يدل على أنها مسألة مطروحة عند الأشاعرة في ذلك الوقت.

٦- ومن المعالم البارزة في منهج البغدادي، مما كان له أثر فيمن أتى بعده: صياغته لمذهب الأشاعرة على أنه مذهب أهل السنة والجماعة، حتى أنه كاد يستقر في أذهان كثير ممن ينتسب إلى الفقه والعلم أن أقوال الأشاعرة تمثل المذهب الصحيح الذي هو مذهب السلف، ومحاولة البغدادي جاءت على النحو التالي:

أ- تأليفه لكتاب في الملل والنحل، ثم في الفرق، والأشعري وإن سبقه إلى ذلك في تأليف مقالات الإسلاميين، إلا أن أسلوبه في العرض لم يكن مرتباً بشكل واضح، وحتى ذكره لمذهب أهل الحديث كان مختصراً (٣) ، ولما ذكره أشار إلى أنه به يقول وإليه مذهب، أما البغدادي فقد عرض أقوال الفرق بمنهج واضح ومرتب، واعتمد على حديث الافتراق الوارد، وساق بعض رواياته بأسانيده هو، ثم ذكر أنه مروي عن جمع من الصحابة (٤) ، ثم حصر أعداد الفرق لتوافق ما في الحديث، فذكر اثنتين وسبعين فرقة، ثم الفرقة الثالثة والسبعين وجعلها فرقة أهل السنة والجماعة على أنهم الفرقة الناجية، الواردة في الحديث.

ولما شرح اعتقاد هذه الطائفة ذكر عقائد الأشعرية مختصرة، وفصلها في كتابه


(١) أصول الدين (ص: ٧٦) .
(٢) انظر: المصدر السابق، نفس الصفحة.
(٣) ومع ذلك فالأشعري أوثق وأدق في نقل الأقوال لسائر الطوائف من البغدادي وممن جاء بعده.
(٤) انظر: الفرق بين الفرق (ص: ٤-٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>