للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعاً: تصوف الرازي.

تصوف الرازيقريب مما انتهى إليه تصوف الغزالي، فهو تصوف فلسفي، يقوم على أن التجرد بالرياضة مع العلم والفلسفة يقودان إلى إلى الكشوفات المباشرة (١) ، ولذلك حين يدلل على مذهبه في بقاء النفس الذي وافق فيه الفلاسفة يذكر منها: " أن عند الرياضيات الشديدة يحصل للنفس كمالات عظيمة وتلوح لها الأنوار وتنكشف لها المغيبات " (٢) ، ولما وصل إلى النمط التاسع في الإشارات والتنبيهات وهو في "مقامات العارفين"، قال الرازي في شرحه: " هذا الباب أجل ما في هذا الكتاب، فإنه رتب علوم الصوفية ترتيباً ما سبقه إليه من قبله ولا لحقة من بعده" (٣) ، وقال معلقاً على كلامه في التفريق والجمع - وهما من اصطلاحات الصوفية-: " لقد وفق المصنف في هذا الفصل حتى جمع في هذه الألفاظ القليلة جميع مقامات السالكين إلى الله، واعلم أن السالكين إلى الله تعالى لا بد وأن يتكلفوا الإعراض عن لذات الدنيا وشهواتها، ولا يزالون في كلفة وتكلف من ذلك إلى أن يزول عن قلبهم حبها والميل إليها، وهو الدرجة الثانية إلا أن منتهى سعيهم وثمرة اجتهادهم ليس إلا محو ما سوى الله عن القلب،.. [ثم يذكر الدرجة الثالثة والرابعة، ثم يقول] فهذه درجات التخلية وهي في لسان الحكمة درجات الرياضيات السلبية، وفي لسان محققي الصوفية درجات التخلق بنعوت، وأما درجات الرياضيات الإيجابية المسامة عند المحققين بالترقي في مدارج الكمال فهي التخلق بأخلاق الله بقدر الطاقة البشرية.. وقد اتفقت كلمة العارفين على أن مقامات السالكين إلى الله لا تخلو عن الفرق والجمع، وأما الفرق ففيما سوى الله، وأما الجمع ففي الله.." (٤) ،

ويرى الرازي


(١) انظر: من أسرار التنزيل (ص: ١١٣-١١٤) ، وقد طبع باسم عجائب القرآن انظره: (ص: ١١٨-١١٩) .
(٢) انظر: معالم أصول الدين للرازي (ص:١٢٠-١٢١) ، - ط دار الكتاب العربي - والفراسة (ص: ٩٦-٩٧) ، ت يوسف مراد.
(٣) شرح الإشارات (٢/١٠٠) .
(٤) انظر: المصدر السابق (٢/١٢٠) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>