للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه كان يبطن خلاف ما يظهر دعوى مردوده شرعاً وعقلاً، بل من تدبر كلامه في هذا الباب - في مواضع - تبين له قطعاً أنه كان ينصر ما أظهره. ولكن الذين يحبونه ويخالفونه في إثبات الصفات الخبرية يقصدون نفي ذلك عنه لئلا يقال: إنهم خالفوه، مع كون ما ذهبوا إليه من السنة قد اقتدوا فيه بحجته التي على ذكرها يعولون، وعليها يعتمدون ".

" والفريق الآخر: دافعوا عنه لكونهم رأوا المنتسبين إليه لا يظهرون إلا خلاف هذا القول، ولكونهم اتهموه بالتقية، وليس كذلك، بل هو انتصر للمسائل المشهورة عند أهل السنة التي خالفهم فيها المعتزلة كمسألة الرؤية، والكلام، وإثبات الصفات، ونحو ذلك، لكن كانت خبرته بالكلام مفصلة، وخبرته بالسنة مجملة، فلذلك وافق المعتزلة في بعض أصولهم التي التزموا لأجلها خلاف السنة ... " (١) .

٢- كما يمتدح شيخ الإسلام ما عمله من بيان تناقض المعتزلة، خاصة وأنه الخبير بأقوالهم، يقول: -في بيان تناقض أهل الكلام -: " وهذا مما مدح به الأشعري فإنه بين من فضائح المعتزلة وتناقض أقوالهم وفسادهم ما لم يبينه غيره، لأنه كان منهم، وكان قد درس الكلام على أبي علي الجبائي أربعين سنة، وكان ذكياً، ثم إنه رجع عنهم وصنف في الرد عليهم، ونصر في الصفات طريقة ابن كلاب لأنها أقرب إلى الحق والسنة من قولهم، ولم يعرف غيرها، فإنه لم يكن خبيراً بالسنة والحديث وأقوال الصحابة والتابعين وغيرهم " (٢) . ويقول أيضاً عن المعتزلة: " والأشعري وغيره من متكلمة الإثبات انتدبوا لبيان تناقضهم في أصلهم، وأوعبوا في بيان تناقض الأقوال، وحكاية الأشعري مع الجبائي في الإخوة الثلاثة (٣) مشهورة (٤) .


(١) المسألة المصرية في القرآن، مجموع الفتاوي (١٢/٢٠٤) .
(٢) منهاج السنة (٣/٧١) ، وفي شرح حديث النزول - مجموع الفتاوي (٥/٥٥٦) ذكر أنه بين من تناقض المعتزلة ما لم يبينه غيره حتى جعلهم في قمع السمسة.
(٣) سبق ذكرها (ص: ٣٧٣) .
(٤) المصدر السابق (٢/٤٧-٤٨) ، مكتبة الرياض الحديثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>