للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} (طه:١٢٣-١٢٧) ، والآيات في ذلك كثيرة جداً دالة على أن ما جاء به القرآن فيه الهداية التامة وأن من اتبعه وصدقه فقد اهتدى إلى الصراط المستقيم، ومن أعرض عنه فقد ضل وغوى فكيف بمن قال بنقيض ما جاء به؟

ومعلوم أن " للضلال تشابهاً في شيئين:

أحدهما: الإعراض عما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والثاني: معارضته بما يناقضه " (١) .

وأهل الكلام لهن نصيب وافر من هذين (٢) .

سادساً: النتائج الفاسدة التي تنتج عن هذا القانون الذي أتى به هؤلاء، وقد بين شيخ الإسلام أن هذا القانون فتح أبواباً عديدة من الشر، وكانت له آثاره السيئة في الأمة الإسلامية، وهذه الآثار أدت إما إلى ضعف ثقة المسلمين بكتاب ربهم وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - حيث أصبحت عند كثير من أتباع هؤلاء لا يستفاد منها علم يقيني بل هي ظواهر يجب تأويلها أو تفويضها، وإما إلى تسلط أهل الباطل من أهل الفلسفة والباطنية على المسلمين حين سوغوا لأنفسهم تأويل النصوص التي لم يخالف فيها أحد حتى من أهل الكلام؛ احتجاجاً بتأويل أهل الكلام لنصوص أخرى مشابهة لتلك في الدلالة.

أ - فقد بين شيخ الإسلام أن غاية ما ينتهي إليه هؤلاء إما إلى التأويل وإما إلى التفويض، وهذا من أعظم الضلال والقدح في الكتاب والسنة، وقد شرح ذلك شيخ الإسلام (٣) .

ب - أن منهج هؤلاء في رد نصوص الصفات وغيرها، هو نفسه الذي سلكه ملاحدة الفلاسفة والباطنية الذين أنكروا ما أخبر الله به من أمور الآخرة


(١) انظر: درء التعارض (٥/٣٧٦) .
(٢) انظر: المصدر السابق (٥/٣٧٨-٣٧٩) .
(٣) انظر: المصدر نفسه (١/٢٠١-٢٠٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>