للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمثلاً إذا نظرت إلى مسألة الصفات أو الرؤية، أو خلق أفعال العباد فستجد طائفة تقول: إن إثبات هذه الأمور معلوم بالأدلة العقلية القطعية، وتقابلها طائفة أخرى تقول: إن نفي هذه الأمور معلوم العقلية والقطعية، وهكذا بقية المسائل، وكل من الطائفتين فيهم من الذكاء والمعرفة ما هم متميزون به عن بقية الناس (١) ، فما هو المعقول الذي يرجع إليه ويحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه؟

ولقد كان من نتائج هذا القانون - مع تباين عقول الناس - أن انتهى الأمر بكثير من أهل الكلام إلى الشك والحيرة، كما حصل للجويني، والشهرستاني والرازي وغيرهم (٢) - وسيرد تفصيل ذلك إن شاء الله - يقول شيخ الإسلام معقباً: " فإذا كان فحول النظر وأساطين الفلسفة الذين بلغوا في الذكاء والنظر إلى الغاية، وهم ليلهم ونهارهم يكدحون في معرفة هذه العقليات، ثم لم يصلوا فيها إلى معقول صريح يناقض الكتاب، بل إما إلى حيرة وارتياب، وإما إلى اختلاف بين الأحزاب، فكيف غير هؤلاء ممن لم يبلغ مبلغهم في الذهن والذكاء ومعرفة ما سلكوه من العقليات.

فهذا وأمثاله مما يبين أن من أعرض عن الكتاب وعارضه بما يناقضه لم يعارضه إلا بما هو جهل بسيط أو جهل مركب.." (٣) ، ويفسر أهل الجهل البسيط بأنهم أهل الشك والحيرة، وأهل الجهل المركب بأنهم أرباب الاعتقادات الفاسدة (٤) .

ج - أن دلالة السمع متفق عليها:

- أما عند أهل السنة والجماعة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان فهو أمر واضح متواتر.


(١) انظر: درء التعارض (١/١٥٦) .
(٢) انظر: المصدر السابق (١/١٦٦) .
(٣) انظر: المصدر نفسه (١/١٦٩) .
(٤) انظر: المصدر نفسه (١/١٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>