للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفقهاء (١) ومنهم شيخ الاسلام ابن تيمية-رحمه الله- تعالى (٢) - أما بقية معاقل الصليبيين فقد سقطت في أيدي المسلمين دون مقاومة. وبذلك أسدل الستار على قرنين من الزمان عاشتها بلاد الشام في ظل هذه الحروب والمعارك المتلاحقة فعادت بلاد الشام إلى حكم المسلمين.

٢- بقيت قبرص في يد النصارى، وقد كان حكامها من أشد أعوان الصليبيين حيث كانوا يمدونهم بالمؤن والسلاح والرجال. وقد لجأ إليها من فر من النصارى من بلاد الشام- وقد بقيت في أيديهم إلى ما بعد عهد ابن تيمية، ولذلك رأينا شيخ الإسلام يرسل رسالة إلى ملكها يأمره بالرفق في أسارى المسلمين (٣) .

٣- لم تنته الحرب الصليبية بطردهم من بلاد الشام، وإنما انتقلت إلى تطور آخر أكثر خطورة، فقد " كان من الصعب أن يتخلى الغرب الأوربي عن الفكرة الصليبية تخليا تاما مفاجئا، فظلت تلك الفكرة تراود عقول بعض المتحمسين والمتدينين الذين دعوا لاستئناف الحرب ضد المسلمين، وعبروا عن حماستهم وآرائهم بمجموعة من المشاريع الصليبية ذات الأهمية البالغة منذ نهاية القرن الثالث عشر [السابع الهجري] وهنا نلاحظ في ذلك الدور الجديد من أدوار الحركة الصليبية أن الدعاة لم يكونوا خطباء من طراز بطرس الناسك، ولم يعتمدوا على البيان في تحريك عواطف الناس واستثارة شعورهم الدينى، وإنما صاروا كتابا يكتبون الرسائل والكتب ويرفعونها إلى البابوات والملوك والأمراء، شارحين فيها مشاريعهم الصليبية" (٤) .

وقد قاموا بهجمات على شمال إفريقية كان هدفها التبشير بالديانة النصراينة. فهل كانت تلك مقدمات لما شهده العالم الإسلامي في العصر الحاضر من هجوم صليبي


(١) انظر البداية والنهاية (١٣/ ٠ ٣٢) ، وتذكرة النبيه (١/٣١٧) ، والسلوك (١/٧٦٣، ٠٣ ٠ ١) ، والمختصر لأبي الفداء (٤/٢٤-٢٥) ، وتاريخ بيروت (ص: ٢٣) .
(٢) الأعلام العلية (ص: ٦٨) ، والكواكب الدرية (ص: ٩٢) .
(٣) انظر عن قبرص بعد جلاء الصليبيين من الشام: الحركة الصليبية (٢/١١٦٢) وما بعدها.
وقد استطاع المماليك استعادة قبرص وأسر ملكها- بعد سنين طويلة- سنة ٨٢٩ هـ في عهد الملك الأشرف برساي، انظر المنهل الصافي (٣/٢٦٣) ، وبدائع الزهور (٢/١٠٦-٠٧ ١) .
(٤) الحركة الصليبية (٢/١٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>