للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إستعماري كان هدفه الأول الغزو الثقافي والفكري للمسلمين؟

ثم إن من يطلع على ما كتبه علماء الإسلام في الرد على النصارى، ربيان تحريفهم وكذبهم- وفي مقدمتهم شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم- يدرك أن تأثير النصارى على المسلمين سواء كان ذلك إبان الحملات الصليبية أو فيما بعد؛ كان محل خطر يشعر به ذوو الغيرة على هذا الدين (١) .

ثانيا: ظهور التتار (٢) .

اذا كان العالم الاسلامي قد مني بتلك الحملات الصليبية- على بلاد الشام - في أواخر القرن الخامس الهجري [٤٩٠ هـ] ، فإن هذه الحروب لم تكد تنتهي حتى فجع العالم الإسلامي بمصيبة أخرى أشد وأفظع وأعظم خطرا. فقد اكتسح التتار (المغول) العالم الإسلامى من الشرق، وساروا في بلاد الاسلام يقتلون ويأسرون ويحرقون ويدمرون بطريقة همجية لم يشهد لها التاريخ مثيلا. وقد عبر عن ذلك المؤرخون المسلمون، وكان أصدقهم تعبيرا ابن الأثير- صاحب التاريخ- الذي عاصر بداية هجومهم ولم يعاصر سقوط بغداد [فقد توفي سنة ٦٣٠ هـ] فقد قال- عن خروج التتر- في حوادث سنة ٦١٧ هـ: " لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة استعظاما لها، كارها لذكرها،


(١) من الكتب في ذلك قبل ابن تيمية: الفصل لابن حزم ت ٤٥٦ هـ- الفصل المتعلق بالنصارى- وكتاب الرد الجميل للغزالى ت ٥٠٥ هـ- وكتاب مقامع الصلبان لابن أبي عبيدة- أحمد بن عبد الصمد الخزرجي ت ٥٨٢ هـ (ط في تونس، وطبع في مصر- مكتبة وهبة- بعنوان: بين الإسلام والمسيحية) أما المعاصرون لابن تيمية فمنها الأعلام للقرطبي (إن كان المفسر فقد توفي سنة ٦٧١ هـ) ، وكتاب الأجوبة الفاخرة للقرافي ت ٦٧٤ هـ، ومنظومة الأبوصيري في الرد على النصارى مع شرحها- للأبوصيري- ت ٦٩٦ هـ ومنها كتاب على التوراة للباجي ت ٧١٤ هـ- وضمنه الرد على النصارى. أما الكتب التي ألفت بعد ابن تيمية فكثيرة.
(٢) ويسمونا "المغول" أو " المغل" وهم قبائل من الجنس الأصفر، كانوا يسكنون منغوليا جنوب شرق سيبيريا على حدود الصين، وقد اختلطوا بالقبائل التركية حتى أن البعض صار يجعلهم من قبائل الترك. ويقول مؤرخ المغول رشيد الدين فضل الله الهمذاني (وزير قازان) "ومع أن الأتراك والمغول وشعبهم يتشابهون، وأطلق عليهم في الأصل لقب واحد، فإن المغول صنف من الأتراك، وبينهم تفاوت واختلاف شاسع" جامع التواريخ المجلد الثاني. الجزء الأول (ص: ٢ ١ ٢) ، وانظر الكامل (٢ ١/ ٣٦١) ، ودائرة المعارف الإسلامية (٤/٥٧٦) ، ودائرة معارف وجدى (٢/٥٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>