للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبتدعة ما وافقتهم عليه، وجعلوه أصلاً لما يريدونه من إلحادهم زندقتهم " ثم ذكر أمثله فقال: " فصاروا يقولون للمعتزلي: أنت وافقتنا على إن ما قام به العلم والقدرة يكون جسماً، مشبهاً بخلقه، وذلك ممتنع، فكذلك ما سمى عالماً قادراً لا يكون إلا جسماً مشبهاً للخلق، فيجب عليك أن تنفي الأسماء كما نفيت الصفات.

ويقولون للكلابي: أنت وافقتنا على أن ما قامت به الحوادث فهو حادث فإن ما قامت به الحوادث لم يخل منها، فيكون حادثاً لامتناع حوادث لا أول لها، وما قامت به العراض فهو جسم محدث، فيجب عليك أن تنفي الصفات وتنفي العلم والقدرة؛ لأن هذه الصفات أعراض فلا تقوم إلا بجسم ولأن ما قامت به الأعراض قامت به الحوادث، ولا يفرق بين هذا عقل ولا نقل، فقولك: إنه تقوم الأعراض دون الحوادث تناقض، فإذا قال: أنا لا أسمي ما يقوم به عرضاً لأن العرض لا يبقى زمانين، وصفاته باقية عندي، قالوا: قولك: إن العرض لا يبقى زمانين، مخالف لصريح العقل، بل هو مما يعلم فساده بضرورة العقل، وحينئذ فلا فرق بين بقاء صفاته وصفات غيره، فإما أن تسمى الجميع عرضاً، أو لا تسمى الجميع عرضاً، وإذا قال: إنما قلت: إنه لا يقبل الحوادث لأن ما قامت به الحوادث لا يخلو منها، قالوا له: وإذا كان عندك قد صار فاعلاً بعد أن لم يكن، ولم يلزم من ذلك أنه لا يخلو من الفعل فقل: إنه قام به الفعل بعد أن لم يكن، كما قال إخوانك من مثبتة الصفات: الكرامية وغيرهم، ولا يلزم من ذلك أن يكون الفعل لم يقم به ".

يقول شيخ الإسلام معلقاً على هذا " إلى غير ذلك من الحجج التي صار يحتج بها الملاحجة على أصناف أهل الكلام المحدث، حتى حدث في الإسلام من شر القرامطة الباطنية والفلاسفة الملاحدة ما يعرفه من عرف أيام الإسلام " (١) .

وأهم الجوانب التي تسلط بها هؤلاء الملاحدة على الأشاعرة والمتكلمين:

١- دليل المتكلمين على حدوث العالم الذي هو دليل حدوث الأجسام،


(١) شرح الأصفهانية (ص: ٣٣٠-٣٣١) - ت العودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>