للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيخ الإسلام عليها كثيرا، مثل قول غلاة الصوفية إن الوجود واحد، وإن وجود الله هو الوجود المطلق بشرط الإطلاق، ومثل قول الفلاسفة بالجواهر والمجردات العقلية، حيث يزعمون أن الحقائق الموجودة في الخارج كالإنسان والفرس مكونة من المادة الكلية والصورة الجوهرية، ويزعمون أنهما جوهران عقليان، وهذا كله في الذهن، لأن الموجود لا يوجد الا معينا، فيقال وجود الواجب وهو الله ووجود الممكن كفلان وفلان، وكذلك هذه العقليات المجردة إنما تتصور

في الأذهان، أما في الحقيقة والواقع فليس الا الموجودات بأعيانها (١) .

٦- كما أن قول هؤلاء معارض للشرع، يقود شيخ الإسلام في بيان بطلان قولهم لغة وعقلا وشرعا: "وأما الشرع فنقول: مقصود المسلمين أن الأسماء المذكورة في القرآن والسنة وكلام المؤمنين المتفق عليه بمدح أو ذم تعرف مسميات تلك الأسماء، حتى يعطوها حقها، ومن المعلوم بالاضطرار أن اسم الواحد في كلام الله لم يقصد به سلب الصفات وسلب إدراكه بالحواس ولا نفي الحد والقدر ونحو ذلك من المعاني التي ابتدع نفيها الجهمية وأتباعهم ولا يوجد نفيها في كتاب ولا سنة ولا عن صاحب ولا أئمة المسلمين" (٢) . وبعد أن ينقل شيخ الإسلام نصا للدارمي في نقضه على المريسي يقول: "هذا النفي الذي يذكره النفاة ويفسرون به اسم الله (الواحد) وغير ذلك هو عند أهل السنة والجماعة مستلزم العدم، مناف لما وصف به نفسه في كتابه من أنه الأحد، الصمد، وأنه العلي، العظيم، وأنه الكبير المتعال، وأنه استوى على العرش، وأنه يصعد اليه، ويوقف عليه، وأنه يرى في الآخرة كما ترى الشمس والقمر، وأنه يكلم عباده، وأنه السميع البصير، (٣) ، فمصادمة قولهم لهذه النصوص الشرعية الكثيرة- مع أنه أيضا لا يقوم على دليل صحيح- دليل على فساد قولهم.

٧- تأصيل القول في مسألة الفرق بين التشبيه والتمثيل ومدلولهما عند الإطلاق، يقول شيخ الإسلام: "وقف تنازع الناس هل لفظ" "الشبه" و"المثل"


(١) انظر: درء التعارض (٧/١٢٤-١٢٧) .
(٢) نقض التأسيس- المطبوع- (١/٤٨٤) .
(٣) المصدر السابق (١/٤٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>