للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول شيخ الاسلام بعد ردود طريلة عليهم في ذلك: " والمقصود هنا أن "التوحيد" الذى أنزل الله به كتبه وأرسل به رسله، وهو المذكور في الكتاب والسنة، وهو المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام، ليس هو هذه الأمور الثلاثة التى ذكرها هؤلاء المتكلمون، وإن كان فيها ما هو داخل في التوحيد الذي جاء به الرسول، فهم مع زعمهم أنهم الموحدون، ليس توحيدهم التوحيد الذي ذكر الله ورسوله، بل التوحيد الذى يدعون الاختصاص به باطل في الشرع والعقل واللغة ((١) .

ثم يبين حقيقة التوحيد الذي جاءت به رسل الله فيقول: " وذلك أن توحيد الرسل والمؤمنين هو عبادة الله وحده، فمن عبد الله وحده لم يشرك به شيئا فقد وحده، ومن عبد من دونه شيئا من الأشياء فهو مشرك به، ليس بموحد مخلص له الدين، وإن كان مع ذلك قائلا بهذه المقالات التي زعموا أنها التوحيد، حتى لو أقر أن الله وحده خالق كل شيء وهو التوحيد في الأفعال" (٢) .

ومنشأ الغلط عند هؤلاء أنهم فهموا أن معنى الإله في قول المسلمين: لا إله الا الله، هو القادر على الاختراع، وأن إله بمعنى آله، لا بمعنى مألوه، وهذا فهم خاطىء قال به الأشعري، وجعله أخص وصف الإله (٣) ، وقد تبعه على ذلك جميع الأشاعرة.

وشيخ الإسلام يقرر أن الإله بمعنى المألوه المعبود لا بمعنى القادر على الخلق يقول: "والإله هو بمعنى المألوه المعبود، الذى يستحق العبادة، ليس هو الإله بمعنى القادر على الخلق. فإذا فسر المفسر الإله بمعنى القادر على الاختراع، واعتقد أن هذا أخص وصف الإله، وجعل إثبات هذا التوحيد هو الغاية في التوحيد،


(١) نقض التأسيس- مطبوع- (١١/٤٧٨) .
(٢) المصدر السابق نفس الجزء والصفحة، وانظر أيضا (١/١٣٣-١٣٤) .
(٣) انظر: منهاج السنة (٢/٦٥) - مكتبة الرياض الحديثة، والجواب الصحيح (٢/١٥٢) ، والاستغاثة (٢/١٥٧) ، والصفدية (١/١٤٨) ، واقتضاء الصراط المستقيم (٢/٨٤٥) ، وأقوم ما قيل في القضاء والقدر- مجموع الفتاوى (٨/١٠١) ، ودرء التعارض (٩/٣٧٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>