للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابنا، ونرد ما خالفه من كتاب وسنة (١) دالت دولة المسلمين واستولى عليهم من لا يقيم للإسلام وزنا وإن تظاهر به لإسكات العامة، ثم كانت المصائب أتخم بها بطن التاريخ من غزو التتار لشرق البلاد وفيهم أتباع مقتدي الأمة وقدوة الأئمة، وغزو الافرنج للشام ومصر، وقبلها تنصير مسلمي الأندلس، ثم تنفس الإسلام بحيويته الكامنة؛ فكان طرد الفرنجة من الشام وشواطئ مصر وغزو الترك لشرق أوروبا وفتح القسطنطينية.

ثم فترت همة الإسلام بشؤم التقليد، والإعراض عن الكتاب والسنة، حتى كان ما نراه اليوم وقبل اليوم من استيلاء الدهرية الأوروبية على معاقل الإسلام وحصونه ودياره من الهند وأندونيسيا وشواطئ إفريقيا؛ الجزائر وتونس ومراكش وطرابلس ومصر والشام والعراق وأطراف الأمبراطورية العثمانية وارتماء تركيا الحديثة إلى أحضان أوروبا ودهريتها وخلاعتها.

كل هذا - وربك أيها القارئ - بشؤم وترك هداية الكتاب والسنة، وآخر الطوام خروج تركيا الفتاة وأعني رجال حكومتها عن دين الإسلام الصحيح والمحرف وإعلانهم دهرية الحكومة وأنها لا دين لها؛ فهل كان هذا من عواقب اللامذهبية الذي يأخذون دينهم من كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، أو هو شؤم التمهذهب بغير بصيرة ولبس الدين مقلوبا، وقياس المرأة المسلمة الشافعية التي تقول: أنا مؤمنة إن شاء الله تعالى، في حل نكاحها على اليهودية والنصرانية، وجعل طول "الذَكَر" أو قصره من مرجحات الإمامة في الصلاة فيقدم طويل الذكر أو قصيره إماما على من ليس كذلك، وأخيراً: إن الأصل كلام أصحابنا، وهل الدين إلا الرأي الحسن؟ وما خالفه من


(١) ومثلها عبارة الكرخي: كل آية أو حديث ليس عليه أصحابنا فهو منسوخ أو مؤول.
وهذا الكلام خطير يجعل أقوال الناس - وبعضهم مجهول الحال أو العين - الحكم على كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وعلى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال الله تعالى فيه: "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى".
وهذا أسهل ممن جاء بعدهم ممن جعل للأحناف قواعد خاصة لتصحيح الحديث وتضعيفه، وجعل قواعدهم مقدمة على تصحيح وتضعيف المحدثين ... إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>