للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه لسكناه، وأحمد بن حنبل بعدم تمحيص الرواية وعدم الغوص فيها وإن كثرت رواياته إلخ.

فهذا التواتر الذي رفع به إمامه فوق متناول النقد؛ وفوق درجات العصمة، وأنه أوحد الأمة وقدوة الأئمة، هذا التواتر هل كان يعرفه من أَرَّخَ أبا حنيفة؛ كالبخاري في تواريخه الثلاثة وضعفائه، ومحمد بن نصر المروزي في كتابه "قيام الليل والوتر"،

وابن قتيبة في "مشكل الحديث" له. والترمذي في جامعه في باب الاشعار، والنسائي في "ضعفائه ومتروكيه"، وابن الجارود في "ضعفائه ومتروكيه"، والغزالي في "منخوله" أو "مستصفاه" إلى ابن عبد البر في "انتقائه".

ويتهم الكوثري الشيخ اليماني صاحب التنكيل بعداوته لأبي حنيفة من أجل تكلُّمه على مغالطات الكوثري في تأنيبه، أوبيان تلبيساته في هذا الكتاب (١) ، وفات الكوثري أنه إن صحت تهمته للشيخ اليماني بهذه العداوة، فهي من باب عدو عاقل وهو خير من صديق جاهل، وحذف الشيخ اليماني متون أسانيد الخطيب عند كلامه على رجالها هو من باب العقل والحزم، وترك الحكم الفصل في ذلك لعلاَّم الغيوب الذي يأجر مجتهدهم وإن أخطأ أجرا واحداً ومصيبهم أجرين، فان كلام معاصري أبي حنيفة فيه ليس بأكثر ولا أشد مما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم من خلاف أَدَّى إلى القتال بينهم، ومع هذا نعتقد أنهم جميعاً مجتهدون: إما مصيبون فلهم أجران، أو بعضهم مخطىء مع الاجتهاد فله أجر، ولسنا في كل وقت وبدون حاجة ضرورية إلى ذكر اختلافهم نذكره، وإن ذكرناه لم نغفل عن فضلهم وحسن بلائهم في الإسلام وعذرهم فيما نظن أنهم أخطاوا فيه.

فكذلك مخالفوا أبي حنيفة وجارحوه والطاعنون عليه على حد تعبير ابن عبد البر، هكذا يرى الشيخ اليماني ما جرى بين معاصري أبي حنيفة من الكلام فيه بسبب ما علموه عنه أنهم في ذلك مجتهدون في النصح للاسلام إن أصابوا فلهم أجران؛ وإن


(١) إن نغمة اتهام كل من يرد خبراً نسب للإمام أبي حنيفة بالعداوة والبغضاء لهذا الإمام شِنْشنة معروفة عن الكوثري وطغمته مع أن من يردّ فريه أو يدفع باطلًا يكون موالياً لهذا الإمام الجليل أكز من الذين يريدون أن يثبتوا له ما لم يثبت للأنبياء من الفضائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>