للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدركتماه فاقتلاه» . (١)

وتوهم رجل من صغار الصحابة أمراً وأخبره بما توهمه وما يقتضيه ففضحه الله عز وجل إلى يوم القيامة إذ أنزل فيه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} ، ثم كان الصحابي يرى إكرام التابعين له وتوقيرهم ويبجلهم ما لا يخفي أثره على النفس ويعلم أنه إن بان لهم من أنه كذب كذبة سقط من عيونهم ومقتوه واتهموه بأنه لم يكن مؤمناً وإنما كان منافقاً.

وقد كان بين الصحابة ما ظهر واشتهر من الاختلاف والقتال ودام ذلك زماناً ولم يبلغنا عن أحد منهم أنه رمى مخالفه بالكذب في الحديث، وكان التابعون إذا سمعوا حديثاً من صحابي سألوا عنه غيره من الصحابة ولم يبلغنا أن أحداً منهم كذب صاحبه غاية الأمر أنه قد يخطئه، وكان المهلب بن أبي صفرة في محاربته الأزارقة يعمل بما رخص فيه للمحارب من التورية الموهمة فعاب الناس عليه ذلك حتى قيل فيه:

أنت الفتى كل الفتى ... لو كنت تصدق ما تقول

ثم كان الرجل من أصحاب الحديث يرشح لطلب الحديث وهو طفل، ثم ينشأ دائباً في الطلب والحفظ والجمع ليلاً ونهاراً ويرتحل في طلبه إلى أقاصي البلدان ويقاسى المشاق الشديدة كما هو معروف في أخبارهم ويصرف في ذلك زهرة عمره إلى نحو ثلاثين أو أربعين سنة وتكون أمنيته الوحيدة من الدنيا أن يقصده أصحاب الحديث ويسمعوا منه ويرووا عنه، وفي (تهذيب التهذيب) ج ١١ص ١٨٣ «قال عبد الله بن محمود المروزي: سمعت يحيى بن أكثم يقول: «كنت قاضياً وأميراً


(١) أخرجه الطحاوي في «مشكل الإثارة» (١/ ١٦٤- ١٦٥) من حديث بريده، والطبراني في «طرق حديث من كذب علي» (ق ٤٧/ ١) من حديث عبد الله بن الحارث، وفي «المعجم الكبير» عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وفي «الأوسط» وعنه الضياء في «المختارة» عن عبد الله بن عمرو. ن

<<  <  ج: ص:  >  >>