للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقيه مرة فلم يبدأه بالسلام، والظاهر أن النخشبي بدأ هو بالسلام فرد عليه الخطيب ولم ينبسط إليه، فإن النخشبي من أهل العلم فلم يكن ليترك السلام معتذراً أن الخطيب لم يبدأه مع أن الظاهر أن النخشبي أصغر من الخطيب وإن مات قبله، والسنة أن الأصغر أولى أن يبتدئ بالسلام ولو سلم الخطيب فلم يرد عليه لحكى ذلك فأنه أدل على مقصوده، فاستنكر النخشبي من الخطيب أنه لم يبدأه بالسلام ولا أنبسط إليه على أعادته فعد ذلك الشبه تغير، ومعلوم أن الإنسان قد يعرض له ما تضيق به نفسه من هم أو غم أو تفكير في حل مشكل أو تكدر خاطر من سماع مكروه أو إيذاء مؤذ فيقصر عما جرت به عادته من الانبساط وحسن الخلق. والنخشبي يقول «لحقني بعض أصحابنا وقال لي لقيت الخطيب سكران؟» أحسبه يعني بقوله (أصحابنا) الحنابلة فكأنه لقي الخطيب بعض العامة الذين يتعاقبون الخطيب ويأذونه كما سلف وكأنه آذى الخطيب واسمعه المكروه فأعرض الخطيب وتغافل متكدراً وأسرع في المشي فمر بالنخشبي وهو حديث عهد بسماع المكروه من بعض أصحابه فلم ينبسط إليه، وكذلك صنع باللاحق فهذا هو شبه التغيير الذي أراه النخشبي وهو السكر الذي أطلقه ذلك اللاحق (١) هذا كله دفع لاحتمال فامن الثبوت الشرعي فلاحظ لتلك الحكاية فيه بحال (٢) .

فصل

بعد أن قضى الخطيب قريبا من ستين سنة على الحال التي تقدمت من الانهماك في


(١) هذا إذا كانت كلمتا «لقي» و «الحق» . في عبارة النخشبي على ظاهرهما وإلا فيحتمل أن ذلك اللاحق هو المؤذي نفسه.
(٢) ولا حاجة بنا هنا إلى نحو ما يأتي في ترجمة الحسن بن إبراهيم. (المؤلف) قلت: وذلك لأن الحكاية لم تثبت لأن مدارها على رجل لم يسن وهو بعض أصحاب النخشبي. ن.

<<  <  ج: ص:  >  >>