للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ربما جهر ليعلم أصحابه وكذلك أصحابه كان أحدهم ربما جهر ليعلم من يسمعه، وفي (الصحيح) عن أبي قتادة «كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في الركعتين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة سورة يسمعنا الآية أحياناً» وللنسائي عن البراء « ... فنسمع منه الآية بعد الآية ... » ولابن خزيمة عن أنس نحوه كما في (فتح الباري) فإسماعه إياهم البسملة في الجهرية آكد لأنه إذا أسرّ بها وجهر بما بعدها توهموا أنه تركها البتة. فمن لم يقع له هذا الجمع أو لم يقو عنده وقوي عنده ما ورد في الجهر فأخذ به مطلقاً كالشافعي فلا لوم عليه، ومن احتج من أتباعه بما ورد في الجهر بالأسانيد القوية وألحق بها م يوافقها مما في سنده نحو ابن سمعان وحفص بن سليمان فلا حرج عليه (١) .


(١) قلت: قد علمت من التعليق السابق رقم (١) ، والذي قبله أن المذكورين واهيان جداً، لا يستشهد بهما، وما أفاده المصنف رحمه الله من ورود الجهر بالأسانيد القوية فيه نظر عندي، لأن البحث الدقيق في أحاديث الجهر قد دلَّ على أنها تنقسم إلى قسمين:
الأول: صريح في الجهر، ولكن ليس فيها ما يصح إسناده أصلاً، وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموعة الفتاوى) (١/٧٦ - ٧٧ طبع كردي) اتفاق أهل المعرفة بالحديث على أنه ليس بالجهر بها حديث صريح، وإنما يوجد الجهر بها في أحاديث موضوعة ... يرويها من جمع هذا الباب كالدارقطني والخطيب وغيرهما، فإنهما جمعوا ما روي، وإذا سئلوا عن صحتها قالوا بموجب علمهم، كما قال الدارقطني لما دخل مصر وسئل أن يجمع أحاديث الجهر؟ فجمعها، فقيل له: هل فيها شيء صحيح؟ فقال: أما عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا، وأما الصحابة، فمنه صحيح منه ضعيف. وسئل أبو بكر الخطيب عن مثل ذلك فذكر حديث معاوية لما صلى بالمدينة، وذكر الخطيب أنه أقوى ما يحتج به، وليس بحجة كما يأتي بيانه.»
ثم أطال في بيان ضعف إسناده من وجوه فراجعها فيه.
والقسم الآخر: أحاديث غير صريحة في الجهر، وأصح ما ورد فيه كما قال الحافظ في «الفتح» حديث أبي هريرة من رواية نعيم المجمر قال: «صليت وراء أبي هريرة فقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) ثم بأم القرآن ... ويقول: إني لأشبهكم صلاة برسول الله =

<<  <  ج: ص:  >  >>