للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن قيل: قد جاء عنه أنه لازم حماداً ثمانية عشر سنة، قلت: أن صح ذلك فلعله لازمه أولاً بالأرجاء، فان حماداً كان يقول به في الجملة كما مر، ثم أكمل المدة للفقه فأن صح هبوطه البصرة نحو عشرين مرة للمخاصمة القدرية فليس من لازم انصرافه إلى الفقه هجره الكلام في القدر البتة، ولا من لازمة ملازمته حماداً أن لا يغيب عنه في السنة الأسبوع والأسبوعين والشهر والشهرين بالحجج والحاجة. على أن حماداً توفي سنة ١٢٠ كما قال أبو بكر ابن أبي شيبة. وحكى ابن سعد إجماعهم عليه، وقول البخاري وتبعه ابن حبان سنة ١١٩ متأخر عن هذا الإجماع، وملازمة أبي حنيفة حداداً ثمانية عشر سنة معناه إذا كان مولد أبي حنيفة أول سنة ١٨٠ أنه ابتدأ في الملازمة وسنة نحو ثلاث وعشرين سنة فلا مانع أن يكون قد مهر في مسائل الكلام المعروفة حينئذ كالأرجاء والقدر، وهذا ابن سينا يزعم أنه أحكم المنطق وإقليدس والمجسطي والطبيعي والإلهي والطب وألف فيها أو في أكثرها وكان مع ذلك يلتقي الفقه ويناظر فيه، وأخذ الأدب، كل ذلك وعمر إحدى وعشرين سنة، ولذلك نظائر.

وبالجملة فلم يأتي الأستاذ بعد اللتيا والتي بما يصح أن يعد معارضاً لما ثبت من أن مولد أبي حنيفة سنة ثمانين، ولم يستفد إلا تضيع وقته ووقت من يعقبه، والسعي فيما لو صح لأنتج نقيض مقصودة كما سلف. والله المستعان.

فصل

ولنعطف على ابن الصلت، هب أن أبا حنيفة ولد سنة ٦١ أو قبلها وأنه سمع من أنس وروى عنه عدة أحاديث، فان هذا لا يدفع أمثال الخطيب ذلك الحديث على ابن الصلت، من جهة أنه لم يروه غيره عن بشر، ولا يحفظ عن أبي يوسف ولا يثبت عن أبي حنيفة، وهذا الحديث مما توفر الدواعي على كثرت روايته واشتهاره، فلو كان عند أبي حنيفة لكثر تحديثه به لعلو السند، واثبات السماع من الصحابي،

<<  <  ج: ص:  >  >>