للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ» (القصص:٣٠) وقوله عز وجل «فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (*) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» (النمل ٨-٩)

وابن بطة كغيره من أئمة السنة بحق يعتقدون أن الله تبارك وتعالى يتكلم بحرف وصوت، وقد نقل بعض الحنفية اتفاق الأشاعرة والماتريدية على أن الله تعالى كلم موسى بحرف وصوت كما نقلته في قسم الاعتقاديات. وذكر الحنفية في كتابهم المنسوب إلى أبي حنيفة باسم (الفقه الأكبر) ما لفظه: «وسمع موسى عليه السلام كلام الله تعالى» قال المغنيساوي في شرحه: «والله تعالى قادر أن يكلم المخلوق من الجهات أو الجهة الواحدة بلا آلة ويسمعه بالآلة كالحرف والصوت لاحتياجه إليها في فهمه كلامه الأزلي فإنه على ذلك قدير لأنه على كل شيء قدير» .

وكما يحتاج موسى إلى الحرف والصوت يحتاج إلى أن يكون بلغته وان يكون على وجه يأنس به. فعلى كل حال قد دل الكتاب والسنة كالآيات المتقدمة وسياق الحديث على أن الله تعالى كلم موسى بحرف وصوت، وظهر بما تقدم أنه كلمه بلسانه العبراني على الوجه الذي يأنس به. ودلت الآية الثالثة على أن موسى سمع الكلام فقال في نفسه إن لم يقل بلسانه: «من ذا العبراني الذي يكلمني من الشجرة» فأجيب بقول الله تعالى: «إنه (١) أنا الله العزيز الحكيم» فذكر ابن بطة ذلك على وجه الاستنباط والتفسير، واعتمد في رفع الالتباس على قرينة حالية مع علمه بأن الحديث مشهور (٢) فجاء من بعده فنوهم أنه ذكر الكلام على أنه جزء


(١) الأصل (إني) .
(٢) قلت: الحديث المشهور اصطلاحاً يشمل الصحيح والضعيف وما لا أصل له، فليس في وصف الحديث بالشهرة ويعطي حديث ثابت، وهذا الحديث نفسه الذي رواء ابن بطة وزاد فيه ما زاده لا يثبت من أصله. فقد قال فيه الأمام أحمد: «منكر ليس =

<<  <  ج: ص:  >  >>