للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«ليس بثقة» . وقدم ابن عبد البر أيضاً أن ابن معين سئل عن الشافعي فقال ك نا أحب حديثه ولا ذكره. وهذا تكلم للشافعي ولا يعطي معنى: «ليس بثقة» ولا ما يقرب منها، وقد جاء أن ابن معين رأى كتاب للشافعي تسميته لمقاتلي علي رضي الله عنه بغاة، فأنكر ذلك، وعرضه على أحمد فقال أحمد: فماذا يقول؟ أو كما قال - يعني أن هذا الوصف هو الذي وصف به الكتاب والسنة الطائفة التي تقاتل أهل الحق مطلقا -: فقد يكون ابن معين عد ذلك ميلا إلى التشيع فأو حشه ذلك، وقد تواتر أن أحمد وابن معين كانا يكثران الاجتماع والمذاكرة، فلما ورد الشافعي بغداد لزمه أحمد وقصر في مجالسة ابن معين، وهذا أيضا مما يوحش ابن معين ن وقد مان ابن معين اعتاد من أصحاب الحديث أن يهابوه ويحترموه ويلاطفوه كما ترى شواهد في ترجمته من (التهذيب) وفي ترجمة موسى بن إسماعيل، فكأن الشافعي، لما ورد بغداد قصر في ذلك، وهذا أيضا مما يورث الوحشة، وقد كاتن الشافعي حسن الظن بإبراهيم بن آبى يحيى يكثر الرواية عنه، وابن معين والجمهور يكذبون ابن ابي يحيى، فلا بدع أن تجتمع هذه الأمور في نفس ابن معين فيقول في الشافعي: «لا أحب حديثه ولا ذكره» ولا يعطي ذلك معنى: «ليس بثقة» ولا تقارب. وقد روى الزعفراني وغيره عن ابن معين ثناء على الشافعي في الرواية كما تراه في (للتهذيب) و (تذكرة الحفاظ) وراجع ترجمة الزبير بن عبد الواحد الأسدابادي في. التذكرة) (١) . وقد كان الرواة الذين هم اثبت من ابن وضاح يخطئون على ابن معين، يتكلم السادسة من قسم القواعد ولعل هذا منه كما أو ضحته هناك. وإذا اختلف النقل عن إمام، أو اشتبه أو ارتيب فينظر في كلام غيره من الأئمة، وقضى فيما روى عنه بما ثبت عنهم، فإذا نظرنا كلام الأئمة في الشافعي لا نجد إلا البالغ ممن هو أكبر من ابن معين كابن مهدي ويحيى القطان، ومن أقران ابن


(١) قلت: وتجد توثيق ابن معين للأمام من غير رواية الزعفراني عند الخطيب في الجزء السابق (ق ١١/ ٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>