للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الماء طهوراً لا ينجسه شيء (١) وجاء في الروايات استثناء ما غيرت النجاسة أحد أوصافه، وهي ضعيفة من جهة الاسناد، ولكن حكوا الاجماع على ذلك.

المذهب الثاني: أن هذا حكم الماء الكثير بحسب مقداره في نفسه فأما القليل فينجس بوقوع النجاسة فيه وإن لم يغير أحد أوصافه، والقائلون بهذا يستثنون بعض النجاسات كالتي لا يدركها الطرف، والتي تعم بها البلوى وميتة ما لا دم له سائل، وتفصيل ذلك في كتب الفقه. ثم المشهور في التقدير أن ما بلغ قلتين فهو كثير وما دون ذلك فهو قليل جاء في هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث القلتين، وروي من قول عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وأبي هريرة، ومن قول مجاهد وغيره من التابعين، وأخذ به نصاً عبيد الله بن عبد الله بن عمر وبعض فقهاء مكة، والظاهر أن كل من روى الحديث من الصحابة فمن بعدهم يأخذ به، ولا يُعدل عن هذا الظاهر إلا بإثبات خلافة، ولم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تقدير آخر، فأما من بعده فرويت أقوال:

أولها عن ابن عباس ذكر ذنوبين (٢) ، وفي سنده ضعف، ولو صح لما تحتمت مخالفته للقلتين فإن ابن عباس معروف بالميل إلى التيسير والتوسعة فلعله حمل القلتين على الإطلاق فرأى أنه يصدق بالقلتين الصغيرتين اللتين تسع كل منها ذنوباً (٣) فقط.

ثانيها: عن سعيد بن جبير ذكر ثلاث قلال، وسعيد كان بالعراق فكأنه رأى قلال العراق صغيرة، كما أشار الشافعي القرب إلى ذلك في القرب، فحرز سعيد أن


(١) - انظر تخريج الحديث طرقه ومن صححه من الأئمة في كتابنا «إرواء الغليل» رقم (١٢) ، وقد قاربنا الفراغ منه، ويسر الله طبعه بمنه وكرمه، وفي (صحيح أبي داود) رقم ٥٩.ن
(٢) و (٣) الذنوب: الدلو، والقرب مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>