للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى أمثال هذه الكفريّات، وأمثالها.

وكل ما ذكرته فقد شافهني به غير واحدٍ من هؤلاء، منهم من كان يعتقده، ومنهم من أخبر به عن شيوخه، حتى إنه كان من أعيان شيوخهم من سألني مرّةً عن هذا، فقلت له: هذا كفر، لم يكن أحد من الصحابة يقاتل النبي صلى الله عليه وسلم، بل كان المتخلف عن الجهاد المتعين مذمومًا، بل منافقًا، كالذين تخلفوا عن غزوة تبوك، فقال لي: /٦٣أ/ فقد يكون جائزًا في بعض المذاهب الأربعة، وأنت لم تعرفها كلها. فقلت له: ويحك! هذا لا يتعلق بالمذاهب، بل هذا يعرفه كل من يعرف الرسول وأصحابه، وأهل (١) المذاهب الأربعة وسائر المسلمين عندهم أن من قال هذا فإنه كافر، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.

ومن هؤلاء من يكون متفلسفًا، معظمًا في الباطن لمن يخالف الأنبياء من الفلاسفة، ويكون على رأي الملاحدة الباطنية، يعاونهم تارة، ويعاون الكفار المشركين (٢) المظهرين للشرك تارة، فهو عون للكفار، أو المنافقين.

وهؤلاء قد يفضلون زيارة القبور، والاستشفاع بهم، على الحج؛ لأنه عندهم إذا زار القبر، وتوجه إلى الميت، فاض عليه من روحه كما ذكروا ذلك في الشفاعة، وأما الحج فعندهم أن الله لا يسمع دعاء الحجاج، ولا يعلم بأشخاصهم، وجزئياتهم، إذا كان يعلم الكليات دون الجزئيات، ومنهم من يقول: إنه لا يقوم به علم لا بالكليات ولا بالجزئيات، بل العلم عنده نفس المعلومات.

وهؤلاء يعتقدون في الشريعة أنها سياسة للعامة، وأن ما أخبر به الرسول من أنباء الغيب عن الله، وعن اليوم الآخر، فإنما هو تخييل قصد به نفع العامة، من غير أن يكون ذلك مطابقًا للأمر، وهؤلاء عندهم /٦٣ب/ أنه لا


(١) غيرت في المطبوع إلى: (من أهل) .
(٢) غيرت في المطبوع إلى: (والمشركين) .

<<  <   >  >>