للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موت الإمام أحمد لا في حياته، ولو كان من القبور ما هو ترياق مجربٌ؛ لكانت قبور المهاجرين، والأنصار، والخلفاء الراشدين، والأنبياء، أولى بذلك من قبر معروفٍ وأمثاله ... (١)

/٦٨أ/ وكثير من هؤلاء، بل أكثرهم، ليس اعتمادهم فيما هم عليه من الشرك والبدعة على الكتاب، والسنة، وإجماع سلف الأمة، بل على ما يرونه ويسمعونه من الخوارق، وبعضها صدق، وبعضها كذب، وبعضها يكون خيالاً في أنفسهم، وبعضها يكون موجودًا في الخارج، كما كان يحصل للمشركين، منهم من يسمع كلامًا وخطابًا عند من يشرك به، إما الصنم، وإما القبر، وإما التمثال، ومنهم من يرى صورة إنسان أو غير إنسان، ومنهم من يخبر ببعض الأمور الغائبة، ومنهم من يعطى بعض أغراضه، فيؤتى ببعض ما يشتهيه من الصور، أو المال، أو يقتل بعض من يعاديه، وهذه الأمور هي من الشياطين، وهي من جنس السحر، والكهانة، فيظن كثير منهم أن هذا من باب الكرامات.

وكثير منهم يعتقد أن في الإنس قومًا صالحين أولياء لله لا يزالون غائبين عن أبصار الخلق يسميهم: رجال الغيب، ورجال الغيب هم الجن، كما قال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن: ٦] كانت الإنس تستعيذ بالجن، فازدادت الجن طغيانًا وكفرًا، وقالوا: قد عبدتنا الإنس، واحتاجت إلينا.

والتعازيم والأقسام التي فيها شرك هي من هذا الباب، لكن من هذه الأمور ما قد عرفت العامّة أنه من الجن، ومنها ما قد اشتبه، مثل ما يرى عند قبور الأنبياء، /٦٨ب/ والصالحين، من شفاء مريض، أو حصول طعام من الغيب، ونحو ذلك، فيظن أنه معجزة أو كرامة، لأجل عكوفه، ودعائه لصاحب القبر.


(١) هنا بياض في الأصل إلى نهاية الورقة، وهو بقدر عشرة أسطر.

<<  <   >  >>