للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أشرف العلوم، وأكثر أهل الكلام خلطوا فيه تخليطًا ليس هذا موضعه.

والمقصود هنا أن ما كان من المعجزات والكرامات يكون مختصًّا بالأنبياء وأتباعهم المؤمنين، ولهذا لم يكن ما يأتي به الساحر والكاهن من المعجزات والكرامات، فإن هذا يكون للكفار، وما يوجد للمشركين بالقبور وغيرها هو من هذا النوع المشترك، فالكفار من المشركين والنصارى يستغيثون بشيوخهم الموتى، والغائبين، ويرون من أتاهم في الهواء راكبًا، أو غير راكب، وقال: إنه المستغاث به، إما جرجس، وإما غيره، حتى قالوا لبعض علماء النصارى: فهذا جرجس يستغيث به جماعة في وقت واحدٍ، وكل منهم يراه، فقال: ذاك (١) ملك يأتي في صورته. فكثير من المنتسبين إلى الإسلام يستغيث بشيخه، ويرى من جاء راكبًا، أو طائرًا في الهواء، أو غير ذلك؛ فيظنه (٢) شيخه. وقد يأتي في صورته إن كان يعرف صورة شيخه فيظن هذا شيخه.

وهذا قد وقع لخلق كثير، ووقع لغير واحدٍ من أصحابنا معي، لكن لما حكوا لي أنهم رأوني بينت لهم أني لم أكن إياه، وإنما كان شيطانًا تصور في صورتي ليضلهم، فسألوني: لم لا يكون ملكًا؟ قلت: لأن الملائكة لا تجيب المشركين، وأنت استغثت بي فأشركت.

والشيوخ الذين لا علم لهم، منهم من يخيل له الشيطان صوت المستغيث به، ويجيبه، /٦٩ب/ فيخيل الشيطان للمستغيث صوت الشيخ، ويوهم كلاًّ منهما أنه سمع صوت الآخر.

والمؤمن إذا نادى غيره وهو في مكان بعيد لمصلحة - كما قال عمر: يا سارية الجبل، قال عمر: فإن لله جندًا تبلغهم صوتي - فلله جند من


(١) غيرت في المطبوع إلى: (ذلك) .
(٢) في المطبوع زيادة: (هذا) ، وليست في الأصل.

<<  <   >  >>