للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد موتهم، وإلا ففي حياتهم ما كانوا يمكنون أحدًا أن يشرك بهم ويتخذهم أربابًا.

فلهذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان متبعين للتوحيد الذي بعث الله به رسوله، مجتنبين لما نهاهم عنه من الشرك وأسبابه، واتبعوا أمره في منع الناس من قبره، فصار الشرك به، وفهل المنكر عنده، ممتنعًا بعد موته، كما كان ممتنعًا في حياته.

وهذا من فضائله، وفضائل أمته، فإنه لا نبي بعده، وأمته لا تجتمع على ضلالة، ولو كان قبره بارزًا؛ لكان كثير من الجهال يريد أن يتخذه مسجدًا، ووثنًا، وعيدًا، كما فعل ذلك بقبر من ليس مثله، بل ينسب إليه، [تقربًا به] (١) ، أو طاعة له، لكن دفن في الحجرة محجوبًا عن الناس، فلم يقدر أحد (على) (٢) أن يشرك به، ولا يتخذه وثنًا، ولا يفعل عند قبره منكرًا، فصار له خاصة لا يشركه فيها غيره، فيما يأمر (٣) به، وينهى عنه، فإن مسجده أسس على التقوى، والسفر مشروع إليه، [و] (٤) العبادة فيه فاضلة، وليس عند قبر غيره مسجد يسافر إليه، بل كثير من تلك المساجد بنيت لأجل القبور، وذلك حرام، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك تحذيرًا لأمته.

وأما مسجده فهو مؤسس على التقوى، وهو أفضل المساجد بعد المسجد الحرام، وقيل: بل أفضلها مطلقًا، والصلاة فيه خير من ألف


(١) رسم الكلمة لم يتبين للمحقق، وهكذا استظهرها.
(٢) سقطت من المطبوع.
(٣) في الأصل: (يؤمر) ، والتصويب من المحقق.
(٤) زيادة من المحقق، وليست في الأصل.

<<  <   >  >>