للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تلك، وكانت للعرب أصنام أخر؛ فاللات لأهل الطائف، والعزى لأهل مكة، ومناة لأهل المدينة. وقد ذكر مثل هذا غير واحد من السلف.

وهذا /١٣أ/ الذي ذكروه أنه كان ابتداء عبادة الأوثان هو مبدأ الشرك من مبتدعة أهل الملل كالنصارى، فإنهم صوروا تماثيل الصالحين والأنبياء، وقالوا: هذا فعلناه تذكارًا لنتذكر بصورهم أحوالهم، فتكون أنشط وأشوق لنا إلى التشبه بهم. ثم صاروا يدعونهم ويطلبون منهم الشفاعة، ويقولون: نحن نطلب من هذه التماثيل أن يشفعوا لنا والمقصود: طلبنا من أصحابها أن يشفعوا لنا.

ولما كان هذا مبدأ الشرك في النصارى، وفي القبور؛ سد النبي صلى الله عليه وسلم ذريعة الشرك، ففي صحيح مسلم عن أبي هيّاج (١) الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: «أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَمَرَنِي أَنْ لَا أَدَعَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتُهُ، وَلَا تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتُهُ» .

فلم يكن على عهد الصحابة، والتابعين، بل وتابعي التابعين، كمالك وأبي حنيفة وغيرهما في ديار الإسلام، قبر يُتخذ مسجدًا، ولا يصلى إليه، ولا كان في عهدهم في بلاد الإسلام قبر ولا مشهد يسافر إليه، وإنما حدثت المشاهد على القبور بعد القرون الثلاثة، فلم يكن يصلى عندها لله، ولا يقصد الدعاء عندها، فضلاً عن أن يكون يقصد أن يدعى صاحبها أو


(١) تغيرت في المطبوع إلى: (الهياج) .

<<  <   >  >>