للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانوا في حياته إذا أجدبوا؛ توسلوا بنبيهم صلى الله عليه وسلم، توسلوا بدعائه، وطلبوا منه أن يستسقي لهم، كما في الصحيح عن ابن عمر قال: رُبَّمَا ذَكَرْتُ قَوْلَ الشَّاعِرِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ

وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَسْقِي عَلَى الْمِنْبَرِ، فَمَا نَزَلَ حَتَّى يَجِيشَ لَهُ مِيزَابٌ.

وفي الصحيحين عن أنس قال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ (١) [فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلَكَتِ الْأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا» ، وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ. فَنَشَأَتْ سَحَابَةٌ مِنْ جِهَةِ الْبَحْرِ، فَمُطِروا أُسْبُوعًا لَا يَرَوْنَ فِيهِ الشَّمْسَ، حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ - أَوْ غَيْرُهُ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: انْقَطَعَتِ السُّبُلُ، وَتَهَدَّمَ الْبُنْيَانُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفْهَا عَنَّا. فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ» . فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ كَمَا يَنْجَابُ الثَّوْبُ] (٢) .

/٢٦ب/ فكانوا في حياته يتوسلون بدعائه، ويستسقون به، فلما مات توسلوا


(١) في المطبوع استبدل المحقق كلمة (أعرابي) بكلمة (رجل) لتوافق الرواية التي اختارها من «صحيح البخاري» .
(٢) في الأصل ابتدأ الحديث بـ: (جاء أعرابي) ، ثم بعده بياض كبير إلى آخر الورقة. وقد أكمله محقق المطبوع من أحد روايات البخاري في «صحيحه» لهذا الحديث، ولكني رأيت أن الأولى إكماله من رواية شيخ الإسلام ابن تيمية نفسه لهذا الحديث في كتاب «قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة» ص٢٦٩.

<<  <   >  >>