للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في مسجده؛ لكان هذا ينقل عنهم نقلاً شائعًا متواترًا، لكثرة ما كانوا يقدمون المدينة من الأمصار، أضعاف أضعاف ما يقصدها الناس في هذه الأوقات؛ لأنها كانت دار الخلافة، فجميع أمور أهل الأمصار متعلقة بها، تقصد من جميع النواحي، في جميع العام، ومع هذا فأصحابه أفضل الخلق، وأعلمهم بدينه وما أمرهم به من توحيد الله وحقه، كانوا يفعلون ما أمرهم به وسنّه لهم من الصّلاة في مسجده، /٣٣أ/ ومن الصّلاة والسّلام عليه، وطلب الوسيلة له كما أمر.

ولم يكن كل من قدم المدينة ذهب إلى القبر، فلم يكن هذا من عملهم الشائع العام، ولا كانوا يأمرون الناس بذلك؛ لعلمهم أن هذا ليس مما حضهم عليه، ورغبهم فيه، بل نهاهم أن يتخذوا قبره عيدًا، ومسجدًا، ولعن من يفعل ذلك، فكانوا يفعلون ما أمرهم به دون ما نهاهم عنه، وما نهاهم عنه من اتخاذ قبره عيدًا ومسجدًا لم يبق ممكنًا البتة، بل لا يقدر أحد على ذلك، ومن استقبل الحجرة إذا سلم عليه لم يقل: إنه اتخذ قبره عيدًا ولا مسجدًا، فإنه لم يصل إلى قبره البتة، بل إنما فعل ذلك في المسجد.

لكن يقال: هذا الفعل مشروع أم لا؟ وهل هو مما يسنّ في المسجد أم هو من أحكام المسجد، ليس من أحكام القبر؟ ولكن كثير من الناس ما بقي يعرف زيارة القبر، إلا ما يكون في المسجد، وهو اسم لا يطابق مسماه، بخلاف أهل البدع الذين يقصدون ما نهى عنه، وقد يجعلون ما نهى عنه أفضل مما أمر به، كما فعلته //٥٠ب// النصارى وأشباههم.

ولكن أهل البدع لا يتمكنون من فعل بدعة عند قبره، ولا من الوصول

<<  <   >  >>