للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التسامي في حدود البشرية. أو قل: أخلاق للجميع.]

جاء النبي ليُبين أن الكمالات نهر واسع، لا يمكن لأحد من البشر أن يستوعبه كله، فليشرب كل إنسان على قدر استعداده.

{فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} (سورة البقرة ٢٦٥)

الكمالات ظلال لأسماء الله الحسنى، وأنت بشر، فلا تطلب ممن عرفته أن يشرب النهر كله. حتى ولو كان من دعاة الفضيلة، ورجالات الأخلاق.

[* الذين يتطوعون بالمثالية.]

على أن بعض الجماعات المسلمة قد أجهدت نفسها، وألزمت نفسها بالمثالية, لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتنازل في كثير من سلوكه عن المثالية.

لقد تحمل غُرم الإسلام، وجعل غُنْمه للمسلمين.

وتحمل نفقات الدعوة من مال زوجته السيدة خديجة - رضي الله عنها - ومن مال أصهاره أبي بكر وعثمان - رضي الله عنهما - ولما شرع الإسلام الصدقة. وفرض الزكاة، حرمهما النبي - صلى الله عليه وسلم - على نفسه، وعلى آل بيته. ولم يجعل الغنُم بالغُرم.

وقد قرأت في كتاب مدارج السالكين للإمام ابن قيم الجوزية:

دعوة إلى ما نسميه "الأخلاق المثالية"

قال: أنْ تقرِّب من يُقْصيك - أي يباعدك عنه - وتُكرمَ من يؤذيك، وتعتذر إلى من يجني عليك. سماحة لا كظماً، ومودة لا مصابرة ثم قال:

إذا مرضنا أتيناكم نعودكم ... وتذنبون فنأتيكم ونعتذر

ثم يقول: إن الذي جنى عليك فعل ذلك لذنب ارتكبته.

<<  <   >  >>