للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واهاً أذكُرها، ولم ... أَكُ ناسياً، فأكونَ ذاكِرْ

أَبَداً تشّخِصها الوسا ... وِسُ لي، وتُشْخِصها الخواطِرْ

فأظَلُّ حاضرَ لذّةٍ ... وإِذا سُئِلْتُ، فغير حاضِرْ

وله:

لا هَجَعتْ أجفانُ أجفانا ... ولا رَقا إِنْسانُ أَنْسانا

يا جافياً، يزعُم أَنّي له ... جافٍ، أَما تذكُرُ ما كانا؟

واللهِ ما أظهرتُ غدراً، كما ... قلتَ، ولا أضمرتُ سُلْوانا

لكن وَشَى الواشونَ ما بينَنا ... فغيَّرُوا ألوانَ أَلْوانا

وله:

إِنّي لَتُعجبُني الفتاةُ إذا رأت ... أّنَّ المروءةَ في الهوى سلطانُ

لا كالتَّي وَصَلت، وأكبرُ هِمّها ... في خِدرها النُّقصانُ والرُّجحانُ

فكذاك شمسُ الدَّجْنِ، في اَبراجها ... تعلو، وبُرْجُ هبوطِها المِيزانُ

وله في غلام هندي:

أيحسَبُ أَنَّني ناجِ ... وبدرُ الهندِ لي شاجِ؟

بشَعرٍ آبِنُوِسيٍّ ... له، ومُقَبَّلٍ عاجي

يُريك، إذا بدا، شمسَ ال ... ضُّحَى في الحِنْدِسِ الدّاجي

كأنَّ القَرْصَ في خَدَّيْ ... هِ ياقوتٌ على تاجِ

وله في غلام معذر:

يا عاذلَ العاشقِ في حُبّ مَنْ ... عِذارُه يَعِذرُه في المِقَهْ

إن كان قِدْماً فِضَّةً ... فقد غدا كالفِضَّة المُحْرَقَهْ

أو كان غصناً أجردَ اللمس، مِن ... قبلُ، فسُبْحانَ الَّذي أَوْرَقَهْ

وله في الأصداغ:

ما زِلتُ أحسَبُ أَنَّ وجهَك مُشْبِهٌ ... يا فاترَ اللَحَظاتِ، بدرَ الغَيْهَبِ

حتّى بدا، وعقاربُ الأصداغِ قد ... أذكت شعاعَ جمالِه المتلهِّبِ

فعلِمت أَنَّ البدرَ يقصُرُ دُونَه ... لمّا وَجَدْتُ هبوطَه في العَقْرَبِ

[الشيخ أبو العز القلانسي المقرئ]

واسمه: محمد، بن الحسين، بن بندار.

من أهل سط. هو الذي تفرد في زمانه بالقراءات العالية. ورحل الناس إليه من الأقطار.

وقد لقيت ب واسط من مشايخ القراء من قرأ عليه.

وكان مولده سنة ست وثلاثين وأربع مئة، وتوفي سنة إحدى وعشرين وخمس مئة.

ولي إجازة من مشايخ، رووا عنه.

وأورده السمعاني في المذيل، مسنداً إليه، مدح الصحابة، رضوان الله عليهم أجمعين:

إِنَّ مَنْ لم يقدِّمِ الصِّدِّيقا ... لم يكن لي، حتَّى يموتَ، صَدِيقا

والَّذي لا يقول قوليَ في الفا ... رُوق، أَنْوِي لشخصِه تفريقا

ولِنار الجحيم باغِضُ ذي النُّو ... رَيْنِ يَهْوِي منها مكاناً سَحيقا

مَنْ يوالي عندي عَلِيّاً، وعادَى ال ... قومَ طُرّاً، عَدَدْتُهُ زِنْدِيقا

[العدل أبو علي بن بختيار الواسطي]

وقيل: أبو السعادات، علي، بن بختيار، بن علي.

قرأت في كتابه: أنه قدم بغداد سنة ثمان وخمس مئة.

وكان شاعراً، كاتباً، له معرفة بالأدب، رقيق الطبع، حسن النظم.

كان من المعدلين ب واسط.

أنشدني المؤدب أبو سعيد، بن سالم بها، في شهر رمضان سنة خمس وستين وخمس مئة، قال: أنشدني القاضي العدل أبو علي، بن بختيار لنفسه في البرغوث والبق، وقد اقترح عليه بمحضر من الفضلاء:

ولمّا انتحى البُرْغُوثُ والبَقُّ مَضْجَعي ... ولم يَكُ من أيدهِما ليَ مَخْلَصُ،

زَفَنْتُ بكفّي، إِذْ مُدامُهما دمي، ... فزمَّرَ هذا، وابتدا ذاك يرقُصُ

وكان قد أنشدني هذين البيتين القاضي عبد المنعم، بن مقبل، الواسطي، روايةً عن ابن أسلم، عنه. وذلك حين أنشدته أبياتاً لي عملتها في البق والبرغوث ارتجالاً، ليلة بت فيها ب نهر دقلى، وكنت قد فارقت أصفهان على طريق عسكر مكرم والحويزة، إلى واسط، عيد النحر الواقع في سنة تسع وأربعين وخمس مئة:

يا لَحى اللهُ ليلةً قرَصَتْني ... في دياجيرِها البراغيثُ قَرْصا

<<  <  ج: ص:  >  >>