للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا ظِباءَ الصَّرِيمِ، لي فيكِ ظبيٌ ... صادَ قلبي يومَ الغَميِم وصَدّا

لم أكُن عالماً، ب وَجْرَةَ يوماً، ... أَنَّ غِزلانَها يَصِدْنَ الأُسدا

أخلقتْ جِدَّتي صُروفُ الليالي ... وأَرتني هَزْلَ المُلِمّات جِدّا

مَلأَتْني يدُ الخطوب كُلُوماً ... أَنْ رأتني لصَرْفها مستعدّا

رُبَّ ليلٍ، نَضَوْتُ فيه، وأنضي ... تُ به في الفَلاة سيراً وسُهْدا

والدُّجَى روضةٌ، إِذِ الزُّهْرُ ظَلَّتْ ... زَهَراً في مُتونها ممتدّا

وكأنَّ البدرَ المنيرَ كمالُ ال ... دِّينِ إذْ لاح وجهُه وتبَدَّى

ملَكَ الأحسنَيْنِ: خَلْقاً وخُلْقاً، ... ورقا الأكرمينِ: جَدّاً ومَجْدا

[الرئيس أبو الفرج]

العلاء، بن علي، بن محمد، بن علي، بن أحمد، بن عبد الله، بن السوادي، الواسطي.

للعلاء بن السوادي في الفضل والسؤدد العلاء، ولنفائس أعلاق شعره في سوق الأدب النفاق والغلاء.

من بيت الكتابة، ومن غاب الرئاسة.

شعره مقصور على هوى قلبه، ومذهب حبه. غنيٌّ بنفسه عن مدح ذوي الغنى للاجتداء، منقبض عن لقائهم طلباً للراحة والارتواء، مستوحش بالفضل مستأنس، بكر شعره في خدر عزة نفسه عانس.

لم أسمع له مدحاً، إلا أن يكون في صديق له صدوق، أو شقيق له شفيق.

هجوه موجع مؤلم، فهو ممن يجفوه بالثلب منتقم. لا يغضي على قذى، ولا يصبر على أذى.

بيني وبينه في النظم والنثر مداعبات ومكاتبات، وما حضرت ب واسط إلا وجدته سابقاً إلى الزيارة، شائقاً بحسن العبارة، ولطيف الاستعارة.

فهو في سن المشيب، شاب التشبب. فشيبٌ ثوب طربه، وإن أخلق برد عمره. وطريٌّ غصن وطره، وإن ذوى عوده لكبره. أمضى حداً من شبا سنان طرير، وأبهر بهاءً من بدرٍ ضياؤه منير. إن شاب شعره فشعره شابٌّ، وإن كهم حده فخاطره في القريض قرضاب. مغرىً بالحسان مغرم، يظن أنه متيم.

ذكر لي في سنة ستين وخمس مئة: أن مولده في ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة.

أنشدني لنفسه ب واسط، في أوائل محرم سنة خمس وخمسين وخمس مئة، في الزهد ومدح أهل البيت، عليهم السلام، على مذهب التشيع:

ما بقِي لي عذرٌ إلى الله فيما ... كان منّي ومنه في دُنْيائي

عمَّ إحسانُه، وأمعنتُ في التَّقْ ... صير في شكره على النَّعْماء

فبذاك الإحسانِ أرجو مع التَّقْ ... صير منّي النَّجاةَ في أُخْرائي

هو عفوٌ، والعفوُ عن ذنب مثلي ... عندَهُ مثلُ ذَرَّة في هَباءِ

وشفيعي مُحَمَّدٌ وعليٌّ ... والشّهيدانِ لي مع الزَّهْراءِ

أهلُ بيتٍ، ما خاب فيهم رجاءٌ ... وكذا لا يَخِيبُ فيهِمْ رَجائي

وأنشدني أيضاً ب العراق لنفسه:

يا مَنْ أُباثِثُهُ شُجوني ... يَكْفيك جمعُ الشَّمْل دُوني

لا زِل، ممّا غالَ قل ... بي البينُ، في دَعَة ولِينِ

أنا للبِعاد، خُلقتُ عن ... سَكَنٍ أَلِفْتُ وعن خَديِنِ

في كلّ يوم، للفِرا ... قِ علَيَّ دَيْنٌ يَقْتَضيني

فأنا الطَّريدُ عن المُصا ... حِب والمُناسِب والقَرِينِ

ولو استَنَمْتُ إلى يَمي ... ني، لم تُصاحبني يَميِني

وَيْحَ الليالي كم تُنَقِّ ... صُ قيمةَ العِلْق الثَّميِنِ

وإلامَ يُرْدِفُني زما ... ني غاربَ الحظّ الحَرُونِ؟

وإلى متى دهري بصب ... ري في النَّوائب يبتليني؟

ب عَسَى وليت وعَلَّنِي ... سَفَهاً تخادِعُني ظُنوني

وأرى اللياليَ تقتضي ... عُمُري، وتُلْوِيني دُيوني

وأنشدني لنفسه في توديعه ثلاثة أصدقاء إلى ثلاث أسفار في يوم واحد:

يَفْدِيك مغلوبُ التَّجَلُّد، صبرُه ... عما يكابدُهُ قصيرُ الباعِ

علم بتوديع الأحبّة، طَرْفُه ... يرعى الحُمولَ، وسمعُه للدّاعي

وأنشدني لنفسه:

<<  <  ج: ص:  >  >>